-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

لنراجع حساباتنا..


كتب الباحث المجتهد نسيم بسالم، تعليقا رائعا على جريمة خطف وقتل طفل بغرداية، وما أعقبها من تداعيات قائلا: "أضمُّ صَوتي إلى إخوتي الأفاضل في النَّكير على هذا الفِعل الشَّنيع جازى الله فاعلَه بما يستحق، وعجَّل بالاقتصاص مِنه حتَّى تشتَفي صُدور أهلِه؛ بل صُدورُنا جميعًا مِن هذا المُنكَر الآثِم؛ وكُنت حينئذ في عَين المَكان؛ ورأيتُ جمهرة النَّاس ولَم أدر ماذا حدثَ بالضَّبط؛ حتَّى أُنبئت فيما بعدُ بالجَريمَة؛ حسبُنا الله ونِعم الوَكيل، إنا لله وإنَّا إليه راجعُون؛ نسأل الله الصَّبر والسُّلوان لوالديه وذويه. أريدُ أن أقُول في هذا الصَّدد ومَع التَّفاعُل الكبير للحدَث والهبَّة الكُبرى مِن إخوانِنا في الدَّاخل والخارِج أنَّني أتمنَّى مِن أعماقِ قلبي أن لا تتوقَّف ردَّات الفِعل عند التَّنديدات والمُظاهرات (وهي أمور آنيَّة لابُدَّ مِن القيامِ بها)؛ بل يعقُبُها جلساتٌ جادَّة من كافّة الغيُرين والصُّلحاء تبحثُ عن الحُلول الجذريَّة لمُجتَمعنا السَّائر كُلَّ يوم نحو الانحطاط والتَّردِّي الاجتماعي والأسري والأخلاقي..الخ. كيفَ نسعَى لإخراج النَّاس مِن الظُّلمات إلى النُّور وفق مَنهج الله وهُداه؟! ماذا نَعمل لتتوقَّف المعاصي والآثام في رُبوعِنا؟! كيفَ نكُون مُصلِحين حقيقةً كما يرتضي خالقُنا وناهين عَن الفساد وفق خُطَّة ربَّانية دقيقة؟! كيفَ نُؤسِّس لتعاونيَّات ورابِطات (في مختلف فئات المُجتمع وطبقاتِه) تسهَر ليلَ نَهار بنُور الله وشِرعتِه على مُكافحَة الجريمَة بشتَّى أنواعِها؟!
أمَّا أن تقع مُظاهرَات ومسيرات ويخرُجُ لَها الجَميع؛ ثُمَّ يعُود هذا إلى مكتبِه قابع فيه لا يأخُذ بيد أحد؛ ولو من أخص أفراد عائلته نَحو الهداية سنين عددًا، وذاك إلى وظيفته وعملِه غارقًا في صفقاتِه لا يُبالي هَل رشُد النَّاسُ أم غَووا؟! وذلك إلى جلساتِه الفارغَة ومواعيدِه التَّافهة وسفريَّاتِه العابثَة؛ فهل سنتقدَّم خُطوَة تشفَع لَنا عِند ربِّنا لمَّا نقف بين يَديه للحساب بأيّ ذنبٍ هذا البريء قُتل؟! هَل الجريمَة فقَط هي القَتل حتَّى نهبَّ لَه كُلَّ هذه الهبَّة، وسائر المعاصي ليسَت بجرائِم فلا تستَدعي منَّا التَّنديد وقَرع أجراس الخَطر؟! وهي تحدُث يوميًا في وادينا بمُختلفِ أصنافِها من زنى ومخدرات وفواحش وأكل أموال اليتامى والقائمة طويلة؟! إلى متى نتحرَّك فقَط حينَما يقع شيء خطير (كجريمة بوبرشان قبل سنوات، أو قضية المخمرة)، وننام ملئ جُفوننا عن كثيرٍ من الجرائم؛ نعم هي أقل مِن القَتل في البشاعَة ولَكن لا تخرُج من قاموس الجرائم في ميزان كتاب الله؟!
مقصُودي كيفَ نسعَى إلى حلٍّ حقيقي جذري فعَّال لما بنا مِن أزمات ومشاكِل، ولا تكُون مشاعرُنا بنت اللَّحظة تهيجُ ثُمَّ سرعان ما تخبُو؛ ونُعلِّل أنفُسنا ببعض مُظاهرات وتنديدات؛ هل يكفي هذا (طبعا مع وُجوبِه ولزومه)؟! حتَّى نكُون عمليين لنتَّخذ من هذه الحادث الأليم القطرة التي أفاضَت الكأس؛ لنعُود إلى بعضِنا، ونراجع حساباتنا، ونختبر أولوياتنا العلميَّة والدَّعوية، ونتآلف ولا نتخالَف، ولنؤسس لأمتنا خطَّة بعيدَة المدى للإصلاح والتَّغيير الحقيقي، والله ولي القصد وهُو ولي السَّبيل.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020