أعلن عدد من علماء الأمة الإسلامية حربا جديدة على ما
يسمى بتنظيم القاعدة، محملين إياه مسؤولية العديد من الشرور التي أصابت، ومازالت
تصيب، هذه الأمة، ومن آخرها التدخل العسكري الفرنسي في مالي، واعتداء إليزي الذي
قال الشيخ عبد العزيز الفوزان أن "القاعدة" مسؤولة عن ضحاياه.
وبعد أيام قليلة من هجوم الشيخ محمد العريفي على "القاعدة"،
حين تراجع عن تصريحات "مشيدة" بها، شن أستاذ الفقه المشارك، وعضو هيئة
حقوق الإنسان، الداعية السعوي المعروف الشيخ عبد العزيز الفوزان، هجوماً شديداً
على تنظيم القاعدة، والمجموعات المسلحة في مالي، واعتبر تنظيم القاعدة هو المسؤول
الأول عن الأحداث التي حصلت في مالي جراء التدخل الفرنسي.
كما اعتبر الفوزان أن "القاعدة" هي المسؤولة
عن ضحايا اعتداء عين أمناس بإليزي، والذي راح ضحيته 37 قتيلا من مجموع 924 رهينة.
الفوزان صرح بذلك في إحدى اللقاءات التلفزيونية، حيث بدأ
حديثه قائلاً: "إن من أكبر أسباب التدخل الخارجي في مالي، دخول هذه الفئة
المنتمية لتنظيم القاعدة".
ووجه كلامه إلى تنظيم القاعدة "أمنيتي ألا تتدخلوا
في أي أمر يخص مالي أو الأمة الإسلامية، فأنتم بذلك تفتحون مجالا لأعداء الأمة بأن
يتدخلوا في شؤوننا، إن أردتم نصرة الأمة فكفوا شركم وإن كانت لكم رغبة بالجهاد فلا
ترفعوا رايتكم وتشذوا حتى عن من تقاتلون معهم". وأضاف، "ربما من عارضهم
يقاتلونه".
وأضاف الفوزان: "أعلم أن كلامي سيثير زوبعة وأعرف
جيداً ماذا سيقال عني، بل وأعلم أن بعضهم كفرني وآخرين هددوني بالقتل والله حسيبهم".
وقد قوبل حديث الفوزان بمئات التغريدات المؤيدة له في
موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بينما عارضه أشخاص آخرون أظهروا
تأييداً لـ"القاعدة" بشكل غير مباشر.
"توبة" العريفي
وكان الداعية محمد العريفي قد أعلن قبل أيام قليلة توبته
من دفاعه عن تنظيم القاعدة، ونسخ كلامه بكلامٍ جديد بعد أن تبين حقيقة فكر التنظيم
القائم على تكفير المسلمين وإراقة الدماء، على حد قوله.
وتراجع الشيخ العريفي، الأستاذ في جامعة الملك سعود
بالرياض في السعودية، عن تصريحاته السابقة بتغريدة على صفحته في "تويتر"
كتب فيها: "(قال عمر: لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت عقلك، وهديت لرشدك
أن ترجع للحق..) سُئلت البارحة عن كلامي عن القاعدة، فأجبتُ بمقطع".
ووضع العريفي مقطع فيديو، يشرح فيه ملابسات تصريحاته
السابقة حيث كان قد اعتبر، في حديث مع قناة "الجزيرة" القطرية أن
المنتمين لتنظيم القاعدة ليسوا من المتساهلين بتكفير المسلمين وليسوا من
المتساهلين في إراقة الدماء.
وفي المقطع الجديد أوضح العريفي أنه في مقابلته القصيرة
والمباشرة مع القناة وردت اتصالات من المشاهدين تسأله عن "جبهة النصرة" والكتائب
الموجودة في سوريا وأنجر الكلام عن تنظيم القاعدة. وأضاف: "أنا ذكرت معلومات
بنيتها على حوارات مع بعض الإخوة المهتمين بتنظيم القاعدة ثم تبين لي أن المعلومات
خاطئة".
ورجع العريفي عن تصريحاته السابقة وقال "كلاماً
ينسخ الكلام الماضي"، حسب تعبيره. وأوضح أنه عندما نظر في منهج تنظيم القاعدة
تبين له أن "عدداً من المنتسبين إليه عندهم تساهل بالقول بكفر المسلمين
وبإراقة الدماء".
وفسر العريفي أنه اطلع على بعض الكتب التي يؤصلون فيها
لهذا المنهج واكتشف أن بعضا من أعضاء تنظيم القاعدة قد يكون له علاقات ودعم من "بعض
الدول الحاقدة على أهل السنة والجماعة".
وشدد العريفي على أنه يتراجع عن تصريحاته السابقة وأكد
أنه "لا يجوز التساهل بتكفير المسلم وإراقة دمه".
كلام خطير..
وكان العريفي قد قال في حديث لقناة "الجزيرة" أن
المنتمين لتنظيم القاعدة ليسوا من المتساهلين بتكفير المسلمين وليسوا من
المتساهلين في إراقة الدماء. وأضاف: "أنا لست من القاعدة ولا أتبنى فكرهم
ولكن الله تعالى يقول "إذا قلتم فاعدلوا".
وترحم العريفي، في حديثه السابق، على زعيم تنظيم القاعدة
قائلاً إنه لم يكن يحمل هذه الأفكار وأضاف: "الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله،
لم يكن يتبنى الكثير من الأفكار التي اليوم تنسب إلى القاعدة".
وأشار إلى عدم اتفاقه مع كل ما ينسب إلى القاعدة من آراء
أحياناً هي لا تتبناها، وأضاف: "أنا سمعت بعض الإخوة وبعض الآراء التي
ينسبونها إلى القاعدة وإلى من يتبنون فكرهم وهي أفكار ليست صحيحة".
وأنهى العريفي حديثه بقوله: "أنا لست في معرض
الدفاع عنهم ولست واحدا منهم لكن الأصل أن ينظر بالعدل عندما نتكلم".
وأنشأ مغردون في "تويتر" هاشتاغ يحمل عنوان:
"العريفي_يدافع_عن_القاعدة"، استنكروا فيه حديث العريفي وذكّروا بعمليات
القاعدة في السعودية وفي دول إسلامية عديدة والتي راح ضحيتها المئات من المسلمين
والأبرياء، واعتبروا أن حديث العريفي يناقض بشكل واضح السياسة التي تعمل بها
القاعدة في جزيرة العرب.
يذكر أن القاعدة تنظيم يصف نفسه بالجهادي ارتبط بزعيمه
الراحل أسامة بن لادن، ويعتبر ذراعه في اليمن هو اﻷخطر، ويتخذ من الأراضي السعودية
واليمنية مسرحاً لعملياته.
وقد نشأ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إثر اندماج بين
تنظيميْ القاعدة في كل من السعودية واليمن في بدايات عام 2009، بعد تشديد السلطات
السعودية ملاحقة عناصر التنظيم داخل الأراضي السعودية، مما دفع بهم إلى اللجوء إلى
الأراضي اليمنية، مستفيدين من الوضع الأمني المتدهور وحالة عدم الاستقرار بهذا
البلد حينها وحتى الآن.