جميل أن تحارب وزارة الشؤون الدينية الحساسيات المذهبية التي تثيرها بعض الجهات من داخل الوطن وخارجه، فالمجتمع المفلس أخلاقيا والمنهار فكريا والمذبوح إيديولوجيا ـ للأسف الشديد ـ في غنى عن مزيد من التشرذم وهو بحاجة إلى التصدي لأدوات التفرقة والتشتيت، ولكن ينبغي ألا تكون محاربة بعض التيارات الإسلامية المتشددة أولى من محاربة التيارات التنصيرية البشعة.. فالتيارات الأولى إسلامية وإن تشددت، والتيارات الثانية بشعة وإن اتخذت أشكالا "حنونة"..
وكم هو مؤسف أن تحارب الوزارة، بطرق مختلفة، السلفية الوهابية وجماعات التشيع، ولا تحارب الحركات التنصيرية البشعة التي تحاول ضرب الجزائر بكل السبل..
وزارة غلام الله ترحب بـ"سلفية وطنية"، وتتصدى للسلفية المستوردة ولكنها تبدو غير مدركة لحجم وبشاعة خطر التنصير والمنصرين، أو غير مكترثة بضرورة التصدى لمخطط التبشير الجهنمي الذي يسعى لـ"صناعة" أقلية مسيحية بالجزائر، تفتح المجال أمام طائفية خطيرة من شأنها تمزيق بلادنا إلى طوائف وشيع وأقليات كل منها "يلغى بلغاه"..
المتتبعون لمسار ومساعي التنصير في الجزائر، يقولون أن هناك تيارات كنسية تخترفق كل القوانين، وفي مقدمتها قانون تنظيم الشعائر الدينية بلاجزائر، ولا يبالون بأحد، ولا يهمهم سوى تحقيق غايتهم البائسة، وهي تنصير أكبر عدد ممكن من الموّحدين..
ورغم خطورة الوضع، وإقدام عدد من الجزائريين على الردة، متأثرين بمخططات وإغراءات المبشرين، إلا أن السلطات العليا تبدو متخوفة من السلفيين والشيعة أكثر من التنصيريين، وهو أمر يشبه نوعا ما اعتبار بعض حكام الخليج أن إيران ـ وهي دولة مسلمة رغم انحرافات بعض طوائفها الشيعية ـ أخطر من الكيان الصهيوني، وهو عدو لكل المسلمين..
لا شك أن محاربة التنصير في الجزائر مسؤولية جميع الجزائريين الشرفاء الغيورين على دينهم ووطنهم، ولكنها بالأساس مسؤولية الجهات المختصة، وفي مقدمها وزارة الشؤون الدينية التي عليها أن تحارب التطرف المذهبي دون أن تنسى المد التنصيري..