على
الرغم من الصرامة الشديدة التي تتعامل بها السلطات العليا في البلاد،
ظاهريا على الأقل، مع المؤسسات التي تسجل تأخرا فادحا في المشاريع المسطرة،
وهي صرامة تصل أحيانا إلى حد سحب الاعتماد والمتابعة القضائية، إلا أن
التأخر يبقى هو القاعدة في مشاريعنا، واحترام الآجال أصبح أمرا استثنائيا
نادر الحصول، حتى أن بعض الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر صارت "تقتدي"
بشركاتنا في هذا المجال، ولم يعد غريبا أن تشهد بعض المشاريع التي يتولى
القيام بها صينيون تأخرا فادحا يؤثر بالسلب على المنظومة الاقتصادية
والاجتماعية كلها..
الخلل
قد لا يكون في الشركات والمؤسسات التي تتولى عمليات إنجاز المشاريع فقط،
بل في إستراتيجية إنجاز هذه المشاريع بشكل عام، بداية من عملية التفكير في
المشروع، وصولا إلى عملية الإنجاز، مرورا بالتخطيط له، ومنحه لشركة ما، بعد
الإعلان عن مناقصة وطنية أو دولية يُمنح إثرها المشروع للمؤسسة صاحبة أقل
عرض من الناحية المالية والزمنية، ولعل هذه النقطة تساهم بشكل مباشر في
الخلل النهائي والعجز عن احترام مواعيد الإنجاز المعلنة، فبعض المستثمرين
يقترحون آجالا قياسية بأغلفة مالية متواضعة، ويُمنح لهم "شرف" إنجاز
المشاريع تبعا لذلك، وعندما يحين وقت الجد، تعجز تلك المؤسسات عن الوفاء
بالتزاماتها، والنتيجة هي التأخر الفادح في الإنجاز، وهو ما يترتب عنه
أحيانا منع تلك المؤسسات من النشاط مجددا، ليخسر الجميع، ولتكون الجزائر هي
الخاسر الأكبر..
وبعض
الشركات تبرر عدم احترام آجال الإنجاز بالرغبة في تقديم إنجازات متقنة
جدا، علما أن المتفق عليه اقتصاديا أن المؤسسات الناجحة هي التي تتمكن من
إنجاز المشاريع الموكلة إليها في الوقت المحدد وعلى أتم وجه ممكن..
والواقع
أن حال تلك المؤسسات لا يختلف كثيرا عن حال بعض أصحاب وسائل النقل عندنا،
حين يتماطلون كثيرا ويسرقون من وقتك الكثير، ثم يعلقون لك لافتة داخل
مركبتهم مكتوب عليها "اشغل وقتك بالاستغفار".. وكأنهم يفكرون في مصلحتك
ويسعون لإصلاح حالك في الآخرة بعد أن يساهموا في "تخريبه" في الدنيا..!
الشيخ. ب