هل ابنك من المدخنين؟
بعض العائلات في بلادنا متناقضة التناقض كله ويبدو كأنها لا تدري ما تريد، فهي من جهة تريد تزويج بناتها بكل الطرق، ومن جهة ثانية تضع شروطا ثقيلة جدا على طريق الخاطبين، وعلى نحو يجعل من عملية تزويجهن أقرب إلى المستحيل، وكل ذلك تحت مبرر "البحث عن الهناء والسعادة لبناتها"، وبدعوى أن البحث عن عريس للبنت ليس معناه تسليمها لأول خاطب.وإذا كان من حق البنت وعائلتها الحرص على توفر مواصفات معينة في زوج المستقبل، فإن ذلك لا يبيح بأي حال من الأحوال وضع جبال من الشروط في كفة والرد الإيجابي على الخاطب في كفة ثانية، فالجميع يعرف الوضع الاجتماعي العسير الذي يعانيه أغلب الشبان الجزائريين المقبلين على الزواج في ظل قلة فرص الشغل وأزمة السكن الخانقة، وهو الوضع الذي يتسبب في حالة من اليأس البسيكولوجي والتردد النفسي، نتيجة الشعور بعدم توفر القدرة المادية على توفير الحد الأدنى من شروط الزواج. والمفارقة أن الأم عندما تقصد عائلة أخرى لتخطب لابنها، تستجمع كل مبررات الدنيا لإقناع عائلة المخطوبة بأن ابنها وإن كان "معسور الحال"، فذلك لأنه في بداية طريق حياته، وسيتمكن، بعون الله ومساعدة المحروسة زوجته، من تحقيق كل أحلامه وأحلام شريكة حياته، ثم إذا قصدها شاب يخطبها في ابنتها، وهو على مثل حال ابنها، يحاول إقناعها بأنه في بداية مشواره الحياتي وبأنه لن يدخر جهدا لإسعاد ابنتها، ردت عليه بكثير من الثقة أن "الزمان صعيب"، وأنه شاب صالح ولكنها تخاف على مستقبل ابنتها، ولهذا فهي ترجو منه أن يتفهم رغبتها في ضمان الأمن المالي للبنت وحرصها على تأمين سعادتها. وإذا كانت البنت وعائلتها تنشد الهناء والعافية فعلا، فإن الأولى بها أن تسأل عن أخلاق الخاطب وعقليته قبل السؤال عن وضعه المادي وأحوال جيبه.
لقد رحل الزمن الذي كانت عائلات الخطيبة تسأل فيه عائلة الخاطب عن أخلاقه وعما إذا كان مداوما للصلاة.. وجاء الزمن الذي تقول فيه أم البنت لأم طالب يدها: "هل ابنك من المدخنين؟"، فترد الأخيرة: "لا خسارة عليك.. إنه لا يدخن.. إلا إذا كان سكرانا"!.