-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

الخليفة وسوناطراك.. القضاة والحوت الكبير


مرة أخرى سيكون القضاء الجزائري على المحك، حيث سيجد عدد من كبار القضاة المختصين في أكثر الملفات تعقيدا، أنفسهم في مواجهة "حوت كبير" متورط في قضايا فساد روائحها تزكم الأنوف، وبينما تتجه أنظار الرأي العام إلى محكمة البليدة التي تشهد محاكمة ثانية للمتهمين في قضية الخليفة، يهتم المتتبعون بمعرفة الكيفية التي سيتعامل بها القضاة المكلفون بتفكيك ألغام هذه القضية، ومثيلاتها، مع الفاسدين والمفسدين الذين ينصنف بعضهم في خانة "الرؤوس الكبيرة جدا"..
وإذا كانت رئيس الجمهورية، بصفته القاضي الأول في البلاد، قد أعطى الضوء الأخضر لجهاز العدالة، داعيا إياه إلى التعاطي بحزم وصرامة مع قضايا الفساد، فإن متتبعين يخشون أن لا يتمكن القضاة، سواء في قضية سونطراك أو الخليفة، من بسط سطوتهم القانونية بالشكل المطلوب، بالنظر إلى تعقيد الملفين، وكذا حدة الضغوط التي من المؤكد أن "الحوت الكبير" لن يتوانى في ممارستها..

"الإمبراطور" في الواجهة
يجد القضاء، مجددا، نفسه في مواجهة رؤوس الفساد الإفساد، بمناسبة عودة ملف الخليفة بنك المعروف بفضيحة القرن مرة أخرى للواجهة، وذلك بعد مرور ست سنوات من المحاكمة الأولى التي حكمت خلالها محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة في حق المتهم الرئيسي "الإمبراطور الهارب" عبد المؤمن خليفة غيابيا بالسجن المؤبد، وفتحت ذات المحكمة ملفه من جديد، وذلك بعد قبول المحكمة العليا ملفات الطعن بالنقد من قبل المتهمين والنيابة العامة.
وتأتي هذه المحاكمة بعد تمديد الدورة العادية الأولى لسنة 2013 لمحكمة الجنايات التي افتتحت في 21 جانفي المنصرم وانتهت في 28 مارس قبل أن يتم تمديدها بقرار من النائب العام للمجلس بومدين باشا الذي برمجها بعد أن وافقت المحكمة العليا في 19 جانفي من السنة الماضية على الطعون بالنقض التي تقدمت بها كل من هيئة الدفاع عن عدد من المتهمين، وكذا النيابة العامة،وسيمتثل 75 متهما أمام القاضي "عنتر منور" الذي سيرأس المحاكمة مع باقي أعضاء المحكمة من قضاة ومحلفين، وسيتم الاستماع لأزيد من 300 شاهد.
وجاءت موافقة المحكمة العليا بعد ثاني مرة من تأجيل الفصل في الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في 2007 في حق 94 متهما في الملف تراوحت بين البراءة والسجن غير النافذ و15 سنة سجنا نافذا ضدهم، مع مصادرة أملاك بعض المتهمين منهم ودفع غرامات مالية متفاوتة القيمة، فيما أصدرت محكمة الجنايات لمجلس قضاء البليدة أحكاما أخرى في حق 11 متهما في حالة فرار تراوحت بين 10 سنوات سجنا نافذا والمؤبد•
وللتذكير، فإن المحاكمة الأولى عرفت امتثال 94 متهما فيما حوكم غيابيا 10 متهمين آخرين كانوا في حالة فرار بالسجن من سنة إلى 20 سنة نافذة وتبرئة 50 آخرين عن تهم "تكوين جماعة أشرار" و" السرقة الموصوفة" و"النصب والاحتيال" و"استغلال الثقة" و" تزوير الوثائق الرسمية"، بالإضافة إلى أنه بدأت محاكمة القرن لـ 104 منها، وفي 22 من نفس الشهر السالف الذكر أصدرت العدالة الجزائرية حكما بالإعدام غيابيا في حق عبد المؤمن خليفة لتورطه، وللإشارة فإن المتورط الرئيسي في هذا الملف عبد المؤمن خليفة غير معني بهذه المحاكمة حسبما أكده مؤخرا لوكالة الأنباء الجزائرية المساعد الأول للنائب العام لمجلس قضاء البليدة زرق الرأس محمد، والذي أكد أن هذا الأخير "صدر في حقه حكم غيابي بالسجن المؤبد ولا يمكن إعادة محاكمته إلا في حال تقدم هو بالنقض".
للإشارة، فقد تأسس بنك الخليفة في 18 أفريل 1998 من طرف عبد المؤمن رفيق خليفة، وتأسست مجموعة الخليفة للطيران وانطلاق قنوات خليفة "تي- في" في أفريل 2001، بالإضافة إلى أن الخليفة وقع أول عقد تاريخي كما أسموه مع نادي "المبيك - مارسيليا الفرنسي"، وفي نوفمبر 2003 كشف بنك الجزائر ثغرة مالية بقيمة 2،3 مليار دينار جزائري على مستوى الخزينة الرئيسية لبنك الخليفة الذي كان أول مصرف خاص بالجزائر، وذلك إثر ضبط مخالفات في إدارة الودائع وعدم التزام المصرف بقواعد الحذر في منح القروض.
وفي هذا الإطار سيواجه المتهمون في هذا الملف تهما تتعلق بجناية مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من الداخل إلى الخارج، والعكس عن طريق التصريح الكاذب وتكوين أصول مالية بالخارج والتزوير في محررات مصرفية وتجارية والرشوة واستغلال النفوذ، على خلفية منح امتيازات لشركتي (أنتينيا للطيران) لمالكها صهر الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين (أـ أ)، وشركة الخليفة للطيران، تمثلت في تمكينها من رخص الاستغلال الجوي وتقييدها بالسجلات الرسمية والقوانين العامة رغم عدم حيازتها الملكية•
وللتذكير، أن الجزائر طالبت بريطانيا بتسليمها المتهم عبد المؤمن خليفة وهو الطلب الذي وافقت عليه وزارة الداخلية البريطانية في 28 أفريل 2010 قبل أن تطعن هيئة دفاعه أمام المحكمة العليا البريطانية التي علقت قرار تسليمه.
ومن جهة أخرى، وكما هو معلوم أن رئيس الجلسة أدان المتهم الرئيسي عبد المؤمن خليفة صاحب مركب الخليفة بالمؤبد، وسلطت عقوبة 20 سنة سجنا نافذا ضد كل من (ك. إسماعيل) نائب المدير العام لبنك الخليفة و(ب. سليم مولاي) مستشار الرئيس المدير العام للبنك ذاته و(ب. فوزي) مدير عام مساعد مكلف بالخزينة و(ن. محمد) مدير عام سابق لبنك الخليفة، ومسير شركة خليفة للبناء (ك.غازي) العضو المؤسس ببنك الخليفة، و(ك. عبد الوهاب) محافظ سابق لبنك الجزائر، فيما أصدرت المحكمة أحكاما تراوحت بين 10 و15 سنة سجنا نافذا ضد باقي المتهمين، التمس في حقهم النائب العام المؤبد، بينهم (ع. نادية) زوجة عبد المؤمن خليفة و(ط. سكينة) مديرة عامة بالخليفة "إيروايز" مع مصادرة أملاك كافة المتهمين المدانين في الملف..

إجراءات مضبوطة..
استبق النائب العام لمجلس قضاء البليدة انطلاق المحاكمة الثانية في قضية الخليفة، بتأكيده أنه تم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان السير الحسن للمحاكمة التي سيمثل فيها 75 متهما ويتم الاستماع فيها إلى أزيد من 300 شاهد.
 وأوضح السيد بومدين باشا أن "كل الإجراءات التنظيمية المتعلقة بالجانب المادي والبشري قد ضبطت تحسبا لهذه المحاكمة".
 وأضاف في هذا الصدد أنه تم تخصيص مكان خاص بالصحافيين المهتمين بتغطية هذه المحاكمة مشيرا أنه يتعين عليهم التقرب من المجلس لتقديم طلب الاعتماد للحصول على شارة الدخول إلى قاعة المحكمة.
 وقد تم وضع شاشة خارج القاعة للتمكين من متابعة سير المحاكمة في ظروف ملائمة إضافة إلى وضع مكبرات صوت إضافية لتمكين المتقاضين من متهمين وشهود ومحامين ورئيس الجلسة وممثل الحق العام من الاستماع إلى كل التفاصيل المتعلقة بالقضية. 

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020