"لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ دماً حراماً"
في زمن أصبح من "السهل" أن يتورط المسلم في قتل أخاه المسلم، عامدا متعمدا، وما يحدث هذه الأيام في الشقيقة الحبيبة سوريا، نسأل الله أن يرفع عنها البلاء، دليل على ذلك، وجب أن يتذكر المسلم حرمة دم أخيه المسلم.. وعليه أن يدرك أنه إن اضطر لقتال أخيه فلا يفعلن ذلك إلا دفاعا عن النفس، وإلا فليكن في موقف هابيل خير له من أن يكون كقابيل..
إياك أنْ تُضيع على نفسك فرصة النجاة فعن عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال المؤمن في فسحة من
دينه ما لم يُصِبْ دماً حراماً))..
هل أنت على استعداد أنْ تفوّت على نفسك فرصة النجاة
العظيمة من النار، وقد روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا
لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)).
اجعل دائماً نُصْبَ عينيك أنَّ دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم
محرمة من بعضهم على بعض، ولا تحل إلا بإذن الله ورسوله.
إياك أن تلطخ يديك و"مستقبلك" بدماء المسلمين
فإنَّ مما عُلِمَ من الدين بالضرورة وتواترتْ به الأدلة من الكتاب والسنة حُرمة دم
المسلم؛ فإنَّ المسلم معصوم الدم والمال، لا تُرفعُ عنه هذه العصمة إلاّ بإحدى
ثلاث؛ إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يَحلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلاّ بإحدى
ثلاث: كَفَرَ بعدَ إسلامهِ، أو زَنَى بعد إحصانهِ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس))،
وما عدا ذلك، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، بل من الدنيا أجمع. وفي
ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله
من زوال الدنيا)) وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم، ثم تبصّر ماذا
سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام، نسأل الله السلامة.
قال ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: ((وَمَنْ يَقْتُلْ
مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ
عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) [النساء: 93]: (يقول الله
تعالى: ليس لمؤمنٍ أنْ يقتل أخاه بوجه من الوجوه، وكما ثبت في الصحيحين عن ابن
مسعود: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحلُ دم امرىء مسلم يشهد أنْ
لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني،
والتارك لدينه المفارق للجماعة))، ثم إذا وقع في شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من
آحاد الرعية أنْ يقتله، وإنَّما ذلك إلى الإمام أو نائبه). وقال ابن كثير في تفسير
نفس الآية: (وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون
بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله، حيث يقول الله سبحانه في سورة [الفرقان:
68] ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ)) الآية، وقال تعالى: ((قُلْ
تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئاً)) إلى أنْ قال: ((وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)) [الأنعام:
151]، والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً)): ((وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من جحد آية من القرآن، فقد حل ضرب عنقه، ومن
قال: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، فلا سبيل لأحد
إلاّ أنْ يصيب حداً فيقام عليه)).
قبس من السنة..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله
بيده الأخرى تشجب أوداجه دما حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين: هذا
قتلني.
فيقول الله للقاتل: تعست ويذهب به إلى النار" حديث
صحيح
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في
النار" قيل:
هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصا
على قتل صاحبه" حديث صحيح
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا:
"أيما رجل أمن رجلا على دمه ثم قتله فأنا من القاتل
بريء وإن كان المقتول كافرا" حديث صحيح