كرسي الرئيس ليس كنزا..

ـ الشيخ بن خليفة ـ

يتسابق المترشحون لرئاسيات السابع عشر أفريل القادم على مغازلة الناخبين، ويتبارون في إظهار كفاءتهم ومهاراتهم وتجربتهم وحنكتهم ومرونتهم وقدرتهم على تحويل أحلام الجزائريين إلى حقائق.. وكلها أمور مألوفة في الحملات الانتخابية لمختلف الاستحقاقات، فكل مترشح يريد أن يُظهر للجميع بأنه "فوله طيّاب"، وأن برنامجه جذاب، وأن الجزائريين إن انتخبوه سينسون الألم والعذاب..

وبينما يحرص المستبقون نحو كرسي المرادية على الظهور بمظهر "الرجل المناسب" ـ مع احتراماتنا للمترشحة لويزة حنون ـ يشعر المتتبعون كما لو أن الأمر يتعلق بسباق الجائزة الذهبية أو الماسية لألعاب القوى، جائزة تنتهي مهمة المتسابقين عليها بنهاية السباق.. أي أن المترشحين، أو بعضهم على الأقل، يصوّرون ـ وربما يتصورون أيضا ـ أن سباق الرئاسيات بمثابة مطاردة جائزة أو كنز، مطاردة تنتهي إما بالإخفاق في الحصول على الكرسي ـ الكنز، وهو مصير خمسة من ستة مترشحين، أو بالحصول على الجائزة الكبرى المتمثلة في كرسي الرئيس، وهو ما سيكون من نصيب شخصية واحدة..

ولو كان كرسي الرئاسة كنزا لاستحق بلا شك كل هذا العناء، وكل تلك الاتهامات المتبادلة والملايير المنفقة.. ولكنه ليس كذلك، فلو كان كنزا لاستراح الباحث عنه بمجرد الحصول عليه، ولكن الحقيقة أن من يحصل على كرسي الرئيس أو يصل إليه يكون قد بدأ لتوه رحلة المتاعب والمخاطر، رحلة عنوانها مسؤولية ضمان حقوق قرابة الأربعين مليون مواطن جزائري.

ومن المؤسف أن غالبية المترشحين يبدون غير مدركين لحجم وثقل المسؤولية التي تنتظرهم في حال الوصول إلى قصر المرادية، ولو أدركوها ربما ما تمنوها ولا سعوا وراءها، منفقين الكثير من الجهد والمال..

روى سيدنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قال:

"وَيْـلٌ لِلأُمَـرَاءِ وَيْـلٌ لِلْعُـرَفَاءِ وَيْـلٌ لِلأُمَـنَاءِ ـ ويـل لِلمسـؤولين ـ ليتــمنى أَقْـوَامٌ يـوم الْقِـــيَامَةِ أن ذَوَائِبَـــهُمْ كانت مُعَــلَّقَةً بِالثُّــرَيَّا يَتَـذَبْذَبُـونَ بين السَّــمَاءِ وَالأَرْضِ وأنهـم لم يَلُوا عَـمَـلاً" رواه أحمد.

هل يُدرك المتشرحون أنهم في خطر.. وأن "الويل" ينتظرهم إن أخفقوا في تحمل المسؤولية.. هذه الأمانة التي يتحملها المسؤولون وعنها سيُسألون.. وويل لهم ثم ويل لهم، إن ضيعوها.