فاجأت الجزائر منتخب ألمانيا، وقدمت مباراة قوية أمام "الماكينات"،
ضاربة بعرض الحائط كل التوقعات التي رشحت المنتخب الأوروبي لفوز سهل، وقدّم
"الخضر" مباراة بطولية سهرة الإثنين 30 جوان 2014 ببورتو أليغري
(البرازيل) لحساب الدور ثمن النهائي لمونديال 2014، وأجبر "الخضر" خصمهم
على الذهاب إلى الوقت الإضافي الذي ابتسم الحظ فيه للألمان الذين تفوقوا بصعوبة
بهدفين مقابل هدف سجله عبد المومن جابو.
ورغم أن المعجزة لم تحدث، إلا أن المنتخب الوطني
الجزائري برهن منذ البداية أنه لن يكون صيدا سهلا للآلة الألمانية التي فوجئت بوجه
غير متوقع من "الخضر" الذين لعبوا دون ضغوط، وقدموا واحدة من أفضل
مبارياتهم في التاريخ، ووجدوا أمامهم منتخبا قويا جدا صنعت قوته البدنية الفارق في
النهاية، بعد أن أنهك التعب لاعبينا الذين عانوا من بعض القرارات التحكيمية
الغريبة حين صفر الحكم البرازيلي العديد من الأخطاء "الخيالية" ضد لاعبي
المنتخب الوطني، الأمر الذي يجعله في قفص الاتهام.
مباراة مثيرة جدا
نجا المنتخب الألماني بصعوبة من قتالية
"الخضر" وتأهل لدور الثمانية من بطولة كأس العالم المقامة حالياً في
البرازيل، بعد فوزه بهدفين لهدف في مباراة امتدت للأشواط الإضافية بعد التعادل في
الوقت الأصلي بدون أهداف.
وسجل شورلي هدف التقدم الألماني في الدقيقة 92 من الشوط
الإضافي الأول، ومسعود أوزيل في الدقيقة 119، لتعود الجزائر بعدها بدقيقة وتقلّص
الفارق عبر جابو، وبذلك تضرب ألمانيا موعداً كروياً كبيراً مع فرنسا يوم الجمعة
القادم في ريو دي جانيرو.
وكانت المباراة ندّية على أعلى مستوى من الفريقين،
وأظهرت الجزائر مستوى فني وبدني وتكتيكي عالي المستوى وهددوا المرمى الالماني
كثيراً لولا قلة التركيز وتألق الحارس مانويل نيوير الذي غطّى كثيراً على بطء دفاع
فريقه وأنقذهم في عديد الهجمات الخطيرة.
في الشوط الأول فاجأ المنتخب الجزائري الألمان بسرعة
هجومية وتنظيم هجمات خاطفة في العمق الدفاعي للألمان.
أولى التهديدات الجزائرية كانت في الدقيقة التاسعة حينما
استغل ياسين براهيمي تمريرة خاطئة من الظهير الألماني شكوردان مصطفى لينطلق خلف
الكرة نحو مرمى نيوير الذي لعب دور الليبرو وأبعد الكرة، ليرد شفاينشتايغر بتسديدة
صاروخية صدها الحارس مبولحي (ق 13)، ويأتي الرد الجزائري مرة أخرى بعدها بدقيقة من
سفيان فيغولي الذي راوع الدفاع الألماني ولكن سدد الكرى فوق مرمى نيوير.
وألغى الحكم في الدقيقة 16 هدفاً سجله سليماني بداعي
التسلل، وبعدها بدقيقة واصل الجزائريون اهدار الفرص بعدما انفرد فوزي غلام بالحارس
نيوير لكن سددها على خارج المرمى.
وفي الدقيقة 39 أطلق مهدي مصطفى تسديدة بعيدة كانت في
طريقها للمرمى لولا اصطدامها بالمدافع بواتينج، ليرد عليه توني كروس بتسديدة قوية
تصدى لها مبولحي بصعوبة لترتد لجوتزه الذي يسددها وينقذها مبولحي مرة أخرى ويمنع
هدف ألماني محقق.
في الشوط الثاني واصل المنتخب الجزائري تقديم أداء
تكتيكي وفني قوي، استطاع من خلاله ايقاف الخطورة الألمانية.
في الدقيقة 48 واصل مبولحي تألقه وتصدى رأسية للألماني
مصطفي، وتصدى مرة أخرى لتسديدة قوية من فيليب ويمنع هدفاً محققا (ق 54).
وواصلت الجزائر غاراتها الهجومية على مرمى ألمانيا
بالمرتدادت والتسديدات لكن تألق الحارس نيوير والذي لعب كثيراً بدور الليبرو في
الدفاع الألماني منع الجزائريين من التهديف.
وعاد مولر في الدقيق 78 ليهدد دفاعات الجزائريين ويرسل
عرضية سددها شفاينشتايغر برأسه لتمر بجوار القائم الأيمن.
في الدقيقة 80 منع مبولحي أخطر فرصة ألمانية في اللقاء
بعدما تصدى لرأسية مولر، لتعود لشورلي الذي يسددها في المرمى ويبعدها رفيق حليش.
وعاد مولر بعدها بدقيقة ليتسلم كرة بمهارة عالية في
منطقة جزاء الجزائر ويسدد الكرة نحو مرمى مبولحي لكن تمر بجوار القائم وتضيع فرصة
أخرى للألمان.
وفي الدقيقة 88 انفرد فيغولي بالحارس نيوير الذي لعب خرج
مجدداً من مرماه ليلعب دور الليبرو، ليرد عليه مبولحي بتألق آخر ويتصدى لرأسية شفاينشتايغر
الخطيرة، لينتهي الشوط الثاني بالتعادل السلبي، ويجد الألمان أنفسهم مجبرين على
لعب الوقت الإضافي المرهق.
إقصاء بشرف
وفي الدقائق الأولى من الشوط الإضافي الأول أنهى شورلي
الصيام التهديفي للمباراة بتسجيله هدفاً بالكعب بعد عرضية من مولر.
وكاد مهدي مصطفى يعادل النتيجة بتسديدة قوية من داخل
منطقة جزاء الالمان لكن تمر الكرة بجوار القائم (ق 98).
وتراجعت الجزائر بدنياً في الأشواط الإضافية ليستغل
الألمان ذلك بفرض سيطرة نسبية على الملعب وينخفض نسق المباراة بشكل ملحوظ.
وفي الدقيقة 117 أنقذ مبولحي فريقه من انفراد للبديل الألماني
كرامر، ليرد سليمان بانفراد في عمق الدفاع الألماني لولا تدخل بواتينغ في اللحظة
الأخيرة. وشهدت الدقائق الأخيرة إثارة كبيرة شهدت تسجيل هدف لكلا الفريقين.
حيث استغل الألمان في الدقيقة 119 مرتدة تجاه المرمى
الجزائري الذي شهد مساحات واسعة ليسجل اوزيل الهدف الثاني.
ويرد عليه جابو بهدف بتسديدة قوية أسكنها مرمى الجزائر
بعدما استلم عرضية متقنة من سفيان فيغولي، وكادت الجزائر أن تصنع المعجزة وتسجل
الثاني في الثواني الأخيرة إلا أن رأسية مجيد بوقرة كانت ضعيفة، ليطلق الحكم صافرة
النهاية، معلنا تأهل الألمان، وإقصاء الجزائر بشرف كبير.
====
بطاقة فنية للمباراة التاريخية
ملعب بيرا ريو (بورتو أليغري) - 43 ألف متفرج- جو ممطر-أرضية
جيدة
التحكيم: ساندرو ريشي (البرازيل) بمساعدة: ايميرسون دي
كارفاليو (البرازيل) مارسيلو فان غاس (البرازيل)
الحكم الرابع: والتر لوبيز (غواتيمالا)
الأهداف: الجزائر : عبد المؤمن جابو (120)
ألمانيا: شورلو (92) أوزيل (119)
الإنذارات:
الجزائر: حليش (42)
ألمانيا: لام (107)
تشكيلة المنتخبين:
الجزائر: رايس مبولحي- عيسى ماندي- فوزي غولام- رفيق
حليش(القائد)(بوقرة97)- السعيد بلكالام- سفير تايدر(ياسين ابراهيمي78)- مدحي لحسن-
مهدي مصطفى- سفيان فيغولي -
هلال سوداني(عبد المؤمن جابو100)- اسلام سليماني
المدرب: وحيد خليلوزيتش.
ألمانيا: نوير- ويديس- هوميلس- أوزيل- مولر- لام
(القائد)-ميرتزاكير- كروس- غوتزو (شورلو46)- بواتينغ- شفانشتايغر (كرامر109)-
مستافي(خضيرة70)
المدرب: يواكيم لوف.
صفعة جزائرية للمشككين..
وقال الصحفي الإنجليزي المرموق أولي هولت في تغريدة له
على تويتر: "لقد صفعت الجزائر كل من قال أن ألمانيا ذاهبة للتأهل بسهولة، لقد
سخرت من أصحاب هذه الافتراضات."
وأضاف: "كثيرون قالوا أن هذه المواجهة الأكثر حسماً
في مباريات دور الستة عشر، الآن الجميع غير رأيه."
وتفوقت الجزائر بشكل مطلق في الشوط الأول، ولولا تسرع
بعض لاعبيها لخرجت متقدمة منذ الشوط الأول، حيث أظهروا حماساً رائعاً، وتكتيكاً
مميزاً، أضاع الماكينات الألمانية على أرض الملعب. كما تألق حارس المرمى نوير في
الخروج لإبعاد الكرات من أمام مهاجمي الخضر مغطياً عيوب الدفاع الألماني.
نوير حارس أم مدافع أمام المنتخب الجزائري؟!
تساءلت صحيفة الميرور الإنجليزية عن مركز مانويل نوير في
منتخب ألمانيا أثناء المواجهة مع الممثل العربي الوحيد الجزائر.
وكان مانويل نوير قد غطى على عيوب دفاع بلاده أكثر من
مرة، بخروجه في أكثر من لقطة وإفساد هجمات المنتخب الجزائري خارج منطقة الجزاء،
ليتم وصفه بظهير قشاش المنتخب وليس بحارس مرماه.
ووضعت الصحيفة خارطة حرارية ترصد تحركات حارس منتخب ألمانيا
في الشوط الأول، وقالت: "هل نوير مدافع أم حارس؟هذا النوع من التكتيك كان
قديماً، لكنه عاد اليوم".
وكان المنتخب الجزائري قد تفوق في الشوط الأول على الألمان
بشكل مطلق، في لحظات أعادت للأذهان ذكريات خيخون التي فاز بها الخضر 2-1 على ألمانيا
الغربية في كأس العالم 1982.
حليلوزيتش يبكي لاعبيه.. والجزائريين
خرج
التقني البوسني المدرب وحيد حليلوزيتش من الباب الواسع بعد أن قاد
"الخضر" إلى ثمن نهائي المونديال، بل وأحرج المنتخب الألماني، وقدم مباراة
بطولية كاد إثرها أن يخطف بطاقة التأهل إلى ربع النهائي، ويبدو أن حليلوزيتش لم
يقنع بالدور الثاني، وقد كان أكثر المتأثرين بعد أن أطلق الحكم صافرة النهاية، كما
يبدو أن تأثره لم يكن فقط بالإقصاء، بل بمغادرة العارضة الفنية للمنتخب الوطني،
حيث لم يتمالك البوسني دموعه، وبكى، وأبكى لاعبيه الذين تسابقوا على معانقته، كما
أبكى الكثير من الجزائريين وراء الشاشات..
وينتظر
أن يتم ترسيم المدرب الفرنسي غوركوف على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني خلفا
للمدرب البوسني حليلوزيتش.
للاشارة
فإن غوركوف المستقيل من تدريب نادي لوريون الفرنسي كان قد أعطى موافقته المبدئية
لتدريب المنتخب الوطني الجزائري الأول فوز نهاية كاس العالم، وقد يتم ترسيمه بعد
تقديم حليلوزيتش استقالته الرسمية من تدريب المنتخب الوطني.
"الخضر" الأطول بقاء عربيا في
المونديال
أصبح
منتخب الجزائر رسمياً أكثر منتخب عربي يخوض دقائق لعب في بطولة واحدة من بطولات
كأس العالم، وذلك بعد أن تعادل سلبياً مع ألمانيا في الشوطين الأول والثاني ليجبر
الألمان على لعب الوقت الإضافي.
وكان
المنتخب المغربي والسعودي قد تأهلا إلى ثمن النهائي أعوام 1986 و1994 على الترتيب،
لكن الأول خسر في الوقت الأصلي مع ألمانيا الغربية 1-0، وكذلك الحال بالنسبة
للأخضر السعودي أمام السويد 3-1.
وضمن
المنتخب الجزائري من خلال تعادله السلبي في الوقت الأصلي رفع عدد دقائق لعبه إلى
390 دقيقة، ليتفوق على حاجز الـ 360 دقيقة التي توقف عنده العرب مرتين في الماضي.
وتلقى المنتخب الجزائري إشادة كبيرة على مستواه المميز
في المباراة، حيث كان الأخطر في الشوط الأول، في حين قدم تضحيات واستمات في الشوط
الثاني، لتقول صحيفة الميرور "لقد أثبتوا خطأ كل من قال عنهم مجرد محطة
عبور."