من يحكم "الغاشي" لصالح الأوليغارشي؟
ساعة واحدة بعد موافقة البرلمان البريطاني على طلب الحكومة، كانت الطائرات تنفذ أول غارة على الرقة، بما يعني أنها تحركت قبل تصويت النواب، وأن الساعات العشر من المبارزة الخطابية بين نواب الحزبين لم تكن سوى مسرحية مثل بقية المسرحيات التي تقدمها لنا اليوم برلمانات الدول.
أكثر من ساعة قبل بداية أحداث مسرح باتكلان الدامية، كان قرار فرض حالة الطوارئ قد حُرِّر، يقول مسئول بوزارة الداخلية، وكانت أجهزة الحماية والإسعاف قد نفذت مناورة واسعة ساعات قبل بداية أحداث باريس، وكانت الجالية اليهودية قد أُخبرت في الصبيحة بعمل إرهابي وشيك.
دقائق قبل سقوط البرج الثالث الذي لم تصدمه طائرة، كانت مراسلة الـ"بي بي سي" تحقق السبق بنبأ سقوطه، فيما كان برنامج غزو العراق قد أعدَّ سنوات قبل أحداث 11 سبتمبر 2001، وكانت البحرية الفرنسية والبريطانية قد وجهت إنذارا بتنفيذ مناورات بحرية قرب سيرت شهورا قبل تنفيذ عمليات النيتو ضد ليبيا التي بدأت ساعة قبل مصادقة مجلس الأمن على قرار يغطي العدوان، وقد أمضي ساعات في سرد مئات الأمثلة الموثقة المتداولة اليوم على الشبكة.
أكثرية قادة الدول العظمى والمتوسطة والصغيرة هم على دراية بأدق تفاصيل هذه المسرحيات، وهم يتداولون الأدوار، يتستر بعضُهم على بعض كما تفعل جماعات المافيا: استرني أسترك.. تكتم على كذبي أتكتم على كذبك.. والحقيقة أنه ليس بوسع أحدهم أن يخرق نظام "لامويرتا"، لأنه يعلم الثمن الذي سيدفعه، ولأن الجميع يعلم من هم الأسياد: الحكام أصحاب القرار خلف الستار، الذين لا يشاركون في أي استحقاق انتخابي، ولا يدينون بشيء لـ"الغاشي".
قبل سنتين، تعرّض الفاتيكان إلى هجوم شرس من الأوليغارشية المالية وقد وضعت مؤسساته المصرفية على قائمة المصارف المتهمة بتبييض الأموال، وقادته إلى شبه إفلاس، بل قادت حبر النصارى الأعظم إلى الاستقالة وفسح المجال أمام البابا الذي ترضى عنه اليهود وما بقي من النصارى، وبوسع هذه الأوليغارشية إفلاس أي بلد في بحر ساعة، وقد أصبحت سلطتها تتجاوز سلطة جميع الدول، وتعلو ولا يعلو عليها أحد.
هؤلاء هم الحكام الفعليون، ثلاثة أرباعهم من الصيارفة اليهود، تجدهم خلف خطوط النار في الجبهتين منذ الحرب العالمية الأولى التي اندلعت عاما بعد تأسيس الخزينة الفدرالية الأمريكية على يد صيارفة يهود، وكانوا ينفقون على النازية كما على دول الحلف، وهم اليوم خلف مشهد الحروب في المشرق، تجدهم خلف أوباما وبوتن، خلف كامرون وهولاند، في حروب لن يخسروها، سواء ربحها بوتن وحليفه الإيراني، أو أوباما وحليفه التركي، وكيف يخسرونها وهم الآمر والناهي هنا وهنالك؟
سؤال ينبغي أن تطرحوه على جميع الخبراء الاستراتيجيين المتداولين عليكم على مدار الساعة عبر عين الدجّال: كيف يفسرون استمرار تهاوي أسعار النفط، فيما تدور رحى الحرب في منبعه الأعظم بالشرق الأوسط؟ الجواب الذي لن تحصلوا عليه من أي خبير: أن الحكام الفعليين لن يسمحوا لا لبوتن ولا لأوباما ولحلفائهم أن يقتربوا من "نفطهم" إلى أن يقرروا هم متى كيف ينبغي تسعير جيفة الأرض.
المصدر: صحيفة الشروق اليومي

