-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

الدستور الجزائري الجديد.. وأسئلة الهوية



ـ الشيخ بن خليفة ـ
نصّ بيان أول نوفمبر، وهو يحدد أحد أبرز أهداف الثورة التحريرية على "إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.." وقد حرصت مختلف دساتير الجزائر المستقلة على اتخاذ البيان المذكور كمرجعية أساسية في التشريع، وجاء نص مشروع الدستور الجديد ليؤكد ذلك غير أن بعض المتتبعين يعتبرون أن هذا النص، على غرار النصوص التي سبقته لم يعط هوية وثوابت الأمة حقها، وأنه ينبغي تعزيز مكانة الإسلام واللغة العربية في الدستور.
هل أعطى مشروع الدستور المنتظر هوية وثوابت الأمة حقها؟ وكيف يمكن تعزيز مكانة الإسلام واللغة العربية في الدستور برأيك؟ سؤالان بحثنا عن إجابة لهما عند بعض الساسة والباحثين والكتاب، فاختلفت الرؤى، وكان الاتفاق على ضرورة الحرص أكثر على تثبيت معالم الهوية وتعزيز وترسيخ ثوابت الشعب الجزائري المسلم ـ العربي ـ الأمازيغي.

قسوم.. تمازيغت.. العربية والإسلام
قال رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسوم أنه يبارِك كلّ ما من شأنه أن يستجيب لمكوّنات الأمّة وصيانة وحدَتها، ويسجّل ـ في المقابل ـ بعض المستور في هذه القضية. وأهمّها:
1- إعادة تدقيق مصطلح "تمازيغت" الذي طالما شابه نوع من اللّبس والغموض، بسبب هيمنة الأكاديمية البريرية عليه، ومحاولة "تطهيره" من معالم الثقافة العربية والإسلامية.
2- اختزال "الأمازيغية" وحصرها في منطقة معيّنة من مناطق الوطن الجزائري، والحال أنّها تراث شعبي، تشترك فيه كلّ المناطق الجزائرية، فكيف يتّم التغلّب على هذا الإشكال؟.
3- بأيّة حروف ستُكتَب الأمازيغية؟ هل تُكتب بالحرف العربي، الذي هو الجامع المشترك الأعظم لكلّ الجزائريين، بحيث تُصبح الأمازيغية كتراث في متناول الجميع، وتكون الثقافة العربية الإسلامية رافدًا من روافدها الخِصبة، أمْ بالحرف اللاتيني؟ وبالإضافة إلى كلّ هذه الظِلال، فإنّ الأكاديمية المنشودة، التي نريدها أن تكون شاملة لكلّ مناطق الوطن مدعوّة لإعادة النظر في آثار الأكاديمية البربرية الباريسية، العدمية على الثقافة العربية، الشقيقة للأمازيغية، بحيث تُعيد الأكاديمية المنشودة الأمازيغية إلى حضنها العربي الإسلامي الدافئ، فتصبح لبنة صلبة في جدار بناء الوحدة الوطنية، تتحطّم على صخرتها كلّ المغامرات الإقصائية أو الانفصالية، التي تُحاوِل أن تَجعَل من الأمازيغية "قميص عثمان".
ولكشف كلّ هذا المستور، فإنّ على الدستور ـ يقول الشيخ قسوم ـ أن يعود إلى العناية بالرّكن الأساسي في هويّتنا الثقافية، وهو إحلال العربية لغة الوطن، ولغة القرآن، مكانتها اللائقة بها، والتي يكفلها لها الدستور.
ودعا الشيخ قسوم ـ في مقال له، حمل عنوان "قراءة المستور... في الدستور"، نشرته أسبوعية البصائر، لسان حال الجمعية ـ السّاهرين على تطبيق الدستور إلى "أن يُطهّروا، اللّسان، والجِنانَ، والبُنيان، من الغزو الثقافي الأجنبي، الذي لوّث المحيط، وعجّم المخيط، وأفسد كلّ تخطيط. فينبغي الضّرب بأيدي العدل على كلّ من يُخالِف الدّستور، فيَكتب على المحلّات بغير العربية، ويُقدِّم صورة قبيحة عن الهويّة الجزائرية".
وأضاف شيخ جمعية العلماء أنه ما دامت العربية هي لغة المعتقد بعد لغة الوطن، فإنّ المقوّم الرئيسي لصيانتها هو المقوِّم الرّوحي لشعبنا الجزائري، الذي هو الإسلام، الذي حصّن إنساننا قديمًا من الاندماج والذّوبان، ويجب أن يُحصّنه اليوم ضدّ كلّ آفات الانسلاب والهذيان.
وسجّل الدكتور قسوم تأكيد الدّستور على أنّ الجزائر أرض الإسلام وأنّ الإسلام دين الدولة، ولكنه تساءل: أيّ إسلام نُريد؟، قبل أن يستطرد:
إنّ الإسلام الذي جاهدَ من أجله أسلافنا من العلماء واستشهدَت في سبيله قوافلُ الشّهداء، يجبُ أن يكونَ الجامعَ لكلّ المجامعِ، والحاكمَ في كلّ المحاكمِ. ففي المادّة 140 من الدّستور نَقرأ "أساس القضاء مبادئ الشّرعية والمساواة" وما بين الشريعة والشّرعية بَونٌ شاسع.
وإذْ يؤكّد الدّستور ـ يضيف قسوم ـ على "أنّ الشعب يعتزم على جعل الجزائر في منأى عن الفتنة، والعنف، وعن كلّ تطرّف من خلال ترسيخ قيمِه الرّوحية والحضارية التي تدعو إلى الحوار والمصالحة، والأخوّة، ومثلُ هذا العزم ينبغي أن يُترجمَ في مجموعةٍ من العناصر:
1- استلهام القيم الرّوحية المنشودة من الفهم الصحيح للمرجعية العلمية الوطنية، التي تدعو إلى فهم صحيح للإسلام، وتطبيقه تطبيقًا سليمًا في أرض الواقع.
2- جعل الشريعة الإسلامية الصّافية مصدرًا للتشريع في جميع مستوياته، كي تتحقّق قيم الحِوار، والمصالحة، والأخوّة التي ينّص عليها الدّستور.
3- تأصيل المنظومة التربوية وتخليصها من كلّ آثار التقليد الأجنبي، والغزو الفكري في العقل والنقل.
4- تحصين الشباب والنّساء، على الخصوص، ضدّ مظاهر الانحلال، وانقاذهم من كلّ الآفات الاجتماعية والخُلقية، التي أفسدت القلوب، وخربت الجيوب، ونشرت مختلف المآسي والعيوب في كلّ الأحياء والدروب.
وختم الدكتور عبد الرزاق قسوم مقاله المتميز كاتبا:
من وحي الوفاء لهذا الشَّعب، وبدافع الحبّ لهذا الوطن ننصحُ ولو كنّا أحيانًا مختلفين أفكارًا، وديارًا، بأنّ عظمة كلّ دستور لا يَكمُن فقط في قوّة فصوله وبنوده، وإنّما يَكمُن أيضًا في قوّة الالتزام بعهوده، والتحصّن بالصالحِ من سدودِه، والمخلصين من جنوده.
إنّ الشعب الجزائري الذي يُعاني اليوم، مرحلة اضطراب، نأمل أن تكون عابرة، لهو توَّاقٌ إلى أن يخرجَ من عمق الزّجاجة، بمنحِ المزيد من الوّضوح والشفافية للدّستور، حتى يأخُذ بيدِ شعبنا فيتبوأ المكانة اللائقة به بين الأمم، وهو الشعب الأبّي الذي عوّدنا على صنعِ المعجِزات طيلةَ تاريخه، فلنعمل –بهذا الدّستور- على إخصابِ أشجارِه، وإنضاجِ شماريخهِ.
===========
متى يعزز الدستور مكانة الإسلام؟
قال متتبعون أن الدستور الجديد، وإن كان كرّس مكانة الإسلام في الدولة الجزائرية، وثبّت مكانة كركن ركين من أركانها، فإنه في المقابل لم يعزز هذه المكانة، ولم يعمل على توسيعها لتشمل مناحي مختلفة تجعل الجزائر دولة مسلمة وإسلامية قولا وفعلا، نصا وواقعا، ولم يقدم الآليات المنتظرة لمنع بعض الجهات المعادية للدين الإسلامي من التطاول عليه والتهجم على قيّمه بين الحين والآخر، بداعي حرية التعبير.
وإذا كان البعض يقنعون بكون "الإسلام دين الدولة الجزائرية"، مثلما تنص على ذلك المادة الثانية من مختلف دساتير الجزائر، ومنها مشروع الدستور الجديد، فإن آخرين يرونها غير كافية لتعزيز إسلام الدولة الجزائرية الذي لا يختلف بشأنه اثنان..
في هذا السياق، قال الباحث والكاتب سلطان بركاني أن التّعديل الدستوري يخلو من أيّ موادّ جديدة تعزّز مكانة الدّين الإسلاميّ.
وفي مقال له حمل عنوان "الدّستور الجزائريّ.. متى سيعزّز مكانة الإسلام؟" نشرته صحيفة الشروق اليومي، كتب سلطاني يقول:
نقاشٌ واسع ومحتدم أثير في الأيام الماضية حول مسودّة تعديل الدّستور التي أُفرج عنها في الـ28 من شهر ديسمبر المنصرم، وكان لافتا أنّ الموادّ المتعلّقة بشروط الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية، وبتعزيز مكانة اللّغة العربيّة وترقية الأمازيغية إلى لغة وطنية رسمية، نالت حصّة الأسد من النّقاش، بينما جرى التّغاضي عن خلوّ التّعديل الذي طال انتظاره من أيّ موادّ جديدة تعزّز مكانة الدّين الإسلاميّ، على الرغم من أنّ ديباجة المسودّة موضع النّقاش تشير بوضوح إلى أنّ الدّولة ينبغي أن تكون معنية دوما بترقية وتطوير "كلّ واحدة" من المكوّنات الأساسية للهوية، الإسلام والعروبة والأمازيغية، بل على النّقيض ممّا كان منتظرا، تضمّن التّعديل إضافة عبارة فضفاضة إلى المادة 36 من الدّستور، تنصّ على أنّ "حرية ممارسة العبادة مضمونة في ظلّ احترام القانون"، وهي العبارة التي رأت فيها بعض الأوساط خطوة إلى الوراء على طريق تعزيز مكانة أهمّ مكوّن من مكوّنات الهوية الوطنيّة.
وراح الباحث بركان سلطاني يُشرّح مشروع الدستور الجديد، قائلا:
ينصّ الدّستور الجزائريّ في ديباجته على أنّ "الجزائر أرض الإسلام"، وفي مادّته الثّانية على أنّ "الإسلام دين الدولة"، أمّا المادة 73 فتشترط في رئيس الجمهورية أن يكون مسلماً، وتُلزمه المادة 76 بأن يقسم بالله العليّ العظيم على أن يحترم الدّين الإسلاميّ ويمجّده، وتنصّ المادّة 8 على أنّ الشّعب يختار لنفسه مؤسسات، لها غايات ومهامّ، من أهمّها "المحافظة على الهوية والوحدة الوطنيتين، ودعمهما"، كما تنصّ المادة 9 على أنّه "لا يجوز للمؤسّسات أن تقوم بأيّ سلوك مخالف للخُلُق الإسلامي وقيم ثورة نوفمبر"، وتمنع المادّة 41 مكرر2 التي أُضيفت إلى مسودّة التّعديل الأخير التذرّعَ بحرّية الصّحافة للإساءة إلى "ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية"، كما تمنع المادة 42 التذرّعَ بحقّ إنشاء الأحزاب السياسية "لضرب القيم والمكوّنات الأساسية للهوية الوطنية"، وتقطع المادة 178 الطّريق أمام أيّ محاولة لإسقاط المادّة الثانية من الدّستور، فتقضي بمنع أيّ تعديل دستوريّ من أن يمسّ الثّوابت الوطنيّة التي من ضمنها "الإسلام باعتباره دينَ الدّولة".
بعد ذلك، يتساءل الكاتب: أليس من حقّ المجلس الإسلامي الأعلى أن يضطلع بمهمّة مراقبة مدى التزام المؤسّسات بتعاليم وأخلاق الإسلام، ويرفع تقارير إلى الجهات المعنية -يُطلع عليها وسائل الإعلام- تتعلّق بالخروق المتعمّدة وغير المتعمّدة لمبادئ وتعاليم الدّين الحنيف؟.
ويشير بركان سلطاني إلى أن هذه الموادّ، "مهمّة في مضمونها لتكريس الهدف الأسمى الذي اندلعت لأجله ثورة نوفمبر، ولكنّها وبالنّظر إلى عموميتها وسطحيتها، تبقى غير كافية لتكريس مكانة الإسلام في بلدٍ يشكّل المسلمون 99 بالمائة من مواطنيه؛ فالمادّة 76 مثلا تُلزم رئيس الجمهوريّة بأن يُقْسم على احترام الإسلام وتمجيده، لكنّ هذا النصّ لا يُلزمه -في ظاهره- بأن يطبّق مبادئ الإسلام ويُلزمَ مؤسّساتِ الدّولة بتطبيق تشريعاته وتعاليمه، والمادّة 8 التي تلزم مؤسّسات الدّولة الحفاظَ على الهوية الوطنية، ومعها المادّة 9 التي تمنع هذه المؤسّسات القيامَ بأيّ سلوك مخالف للخلق الإسلاميّ، هاتان المادّتان لا تمنعان صراحة مؤسّسات الدّولة من سنّ قوانين وتشريعات وإصدار تعليمات –كتابية أو شفهية- تخالف قطعيات الشّريعة الإسلاميّة؛ فالمؤسّسات التي تمنع موظّفاتها من لبس الحجاب مثلا أو تلك التي تمنح قروضا ربوية، لا يسلّم القائمون عليها لمنتقديهم بأنّهم يخالفون المادّتين 8 و9 من الدّستور!".
====
الأمين العام لجبهة الحكم الراشد عيسى بلهادي:
"هكذا يمكن تعزيز الدين واللغة في الدستور"

س: هل ترى أن مشروع الدستور المنتظر هوية وثوابت الأمة حقها؟
عيسى بلهادي: بنظرنا في جبهة الحكم الراشد أن مسألة الهوية في الجزائر إنما هي بدعة فرنسية غربية يراد بها التشويش بل التأثير سلبا على مقومات الشخصية الجزائرية الصرفة بأبعادها الثلاثة الأمازيغية، الإسلام والعربية، وهنا لا أجد طرحا جامعا مانعا للجزائريين كافة مما جادت به قريحة العلامة عبد االحميد بن باديس رحمة الله عليه حين اختصر المسألة في قولته المشهورة: "شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب" وهذا يكفي ويغني عن كل سؤال، أيضا الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد الذي اختصر جدلية الهوية في جملة بليغة مفادها: "نحن أمازيغ عربنا الإسلام".
وهنا نكاد نجد أنفسنا خاصة إذا تعلق الأمر بالمشروع التمهيدي لمراجعة الدستور الذي بادر به السيد رئيس الجمهورية والذي أكد في ديباجته على أن الجزائر أرض العروبة والإسلام فضلا عن أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية مع ترقيته للأمازيغية إلى لغة وطنية رسمية في درجة ثانية بعد اللغة العربية، إضافة إلى تنظيمه لمسائل لا تقل أهمية في حياة المواطن والوطن في عرضه وشرفه وحرمته..

س= كيف يمكن تعزيز مكانة الإسلام واللغة العربية في الدستور برأيك؟
ج= الواضح أن الإسلام واللغة العربية منصوص عليهما في الدستور الجزائري في الفصل الأول من الباب الأول المتعلق بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، أين خصص المؤسس الدستوري كل من المادة (02) للإسلام دين الدولة، والمادة (03) للغة العربية كونها لغة وطنية رسمية، وهذا التنصيص الدستوري يحمل في مضمونه وأبعاده أكثر من مؤشر على أن الدين واللغة هما مسألتان تدخلان في دائرة الثوابت الوطنية للأمة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بهما أو إجراء أي تعديل في حقهما وهذا ما نص عليه الدستور الحالي وحتى المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور عندما وضعهما إضافة إلى مبادئ أخرى في حكم الحظر الموضوعي الذي لا يقبل التعديل.
طبعا هنا نلمس إرادة سياسية قوية لدى الحاكم في تعزيز هاذين المقومين – تدريجيا - في الدستور من حيث أنه القانون الأساسي للدولة الجزائرية والتي بدورها تستمد منهما (أي الدين واللغة) أسباب وجودها وقوتها وحتى وحدتها، وبالتالي علينا ألا نستهين بهما، لما لهما من ثقل في حياة الأفراد على اختلاف ألسنتهم، عاداتهم، تقاليدهم، مناطقهم وبشرتهم،... وهنا نجد طبعا أن تعزيزهما واجب وطني يعكس عمق الإرادة الشعبية المتطلعة إلى جزائر حرة وسيدة والطامحة إلى تجسيد مبادئ بيان أول نوفمبر 1954 من حيث هو النبراس الذي ينير طريقنا ويحدد معالم مستقبلنا.
سأله: الشيخ. ب
====
جاب الله يحذر من سلخ الجزائر عن فضائها الديني

نشر حزب جبهة العدالة والتنمية الذي يتزعمه الشيخ عبد الله جاب الله وثيقة بيّن فيها رأيه في المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، وأشار إلى أهم مظاهر الخلل الموجودة في الدستور والتعديل المقدم، محذرا مما أسماه إهمال ديباجة المشروع "الإشارة إلى الفضاء الحقيقي الذي تنتمي إليه الجزائر منذ الفتح الإسلامي وإنما أشارت إلى الفضاء المتوسطي وهذا شيء بالغ الخطورة لأن فيه نزوع لسلخ الجزائر عن فضائها الديني والحضاري والتاريخي وربطها بفضاء الدول الغربية في الضفة الشمالية للمتوسط، وهي نزعة طالما ادعاها الغربيون وبعض المثقفين الجزائريين".
وذكر حزب جاب الله أن ديباجة المشروع المقترح "ربطت الجزائر بالحركة الوطنية وما حصل في الثورة التحريرية وكأن تاريخ الجزائر يبدأ بجبهة وجيش التحرير الوطني والحقيقة التاريخية أقدم وأكبر من ذلك وأرسخ، وتاريخ بلد وشعب لا يربط بأحداث محددة مهما كانت أهميتها وقيمتها".
كما أهملت الديباجة ـ يضيف حزب جاب الله ـ بشكل كامل الدور الكبير للجزائر وأثرها العظيم في ميادين العلم والمعرفة وساحات الجهاد والتضحية باستثناء الإشارة إلى ثورة التحرير الكبرى، وهي ثورة حديثة سبقتها ثورات كثيرة أقدم منها وأعظم.
ولم تبرز الديباجة ـ حسب المصدر نفسه ـ "بالشكل المناسب دور الإسلام في تكوين الأمة وبناء شخصيتها والمحافظة على وحدتها وتقوية همم أبنائها في التصدي لمحاولات الاستعمار في مراحل التاريخ المختلفة".
وبرأي جزب جاب الله، فإن ديباجة الدستور الجديد أرست القطيعة مع دولة بيان أول نوفمبر بنصها على ضمان الحرية لكل فرد في إطار دولة ديمقراطية وجمهورية، ومثل هذا الطرح يخدم التوجه العلماني للدولة وهو متعارض مع دولة بيان أول نوفمبر والتي هي "دولة جزائرية ديمقراطية واجتماعية ذات سيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية".
ونبّح الحزب نفسه إلى "الاقتصار على ذكر أن الإسلام دين الدولة، مع إفراغ الدستور من محتويات هذه المادة ودلالاتها في بقية مواد الدستور، فأضحى النصّ مجرد تحية باردة للشعب لا أثر له في ترشيد عمل السلطة والمعارضة، ولا دور له في توفير عوامل الأمن والاستقرار، وشروط النجاح في تحقيق أهداف إصلاح المجتمع وبناء الوطن".
ش. ب
****
الوزير عيسى:
"الإسلام حاضر بقوة في الدستور الجديد"

على خلاف بعض الأصوات التي قالت أن مكانة الإسلام بحاجة إلى تعزيز في الدستور الجديد، اعتبر وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى أن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور الذي من المنتظر المصادقة عليه من قبل البرلمان يعمل على ترسيخ الانتماء الحضاري والروحي والديني للشعب الجزائري مادامت كل فقراته تكرس حضور الإسلام بقوة.
وقال محمد عيسى، وهو يتحدث في ميكروفون الإذاعة الوطنية، "إن كل الحريات والحقوق والمواد المضافة في مشروع تعديل الدستور هي مواد تراعي القيم الدينية والحضارية لمجتمعنا" مضيفا أن "الدستور تضمن فقرات تثمن المصالحة الوطنية التي أعقبت المأساة الوطنية التي ضربت فيها الجزائر باسم الدين ولهذا تم دسترة جهد الشعب الجزائري في الرجوع إلى الوسطية والقيم الروحية والابتعاد عن التطرف والعنف".
وحسب وزير الشؤون الدينية أن "تعديل الدستور كرس ضرورة أن تكون الثوابت الوطنية وهي الإسلام والعربية والأمازيغية في حالة ديناميكية من خلال تحديثها وتحيينها باستمرار ولذلك نجد أنه من بين المهام الموكلة للمجلس الإسلامي، الأعلى التشجيع على الاجتهاد وتحيين كل المفاهيم ومراجعة كل القيم حتى يعيش المجتمع الجزائري انتماءه الحضاري والديني وإيمانه الراسخ بالكتاب والسنة في إطار احترام الدستور وقوانين الجمهورية".

ملحوظة: نُشر هذا التقرير في صحيفة "أخبار اليوم" الجزائرية
 التي أتشرف بتولي مسؤولية رئيس تحريرها

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020