أعاد نشطاء إلكترونيون إلى
الواجهة جزءا من رثاء
الإمام البشير الإبراهيمي لرفيقه الشيخ عبد الحميد بن باديس، شيخ جمعية العلماء
المسلمين الأول رحمه الله، ومما جاء في الرثاء المؤثر:
يا ساكنَ الضريح، مت فمات اللسان القوّال، والعزم
الصوّال، والفكر الجوّال، ومات الشخص الذي كان يصطرع حوله النقد، ويتطاير عليه شرر
الحقد، ولكن لم يمت الإسم الذي كانت تقعقع به البرد، وتتحلّى به القوافي الشرُد،
ولا الذكر الذي كانت تطنطن به الأنباء، وتتجاوب به الأصداء، ولا الجلال الذي كانت
تعنو له الرقاب، وتنخفض لمجلاه العقاب، ولا الدوي الذي كان يملأ سمعَ الزمان، ولا
يبيت منه إلا الحق في أمان.
مات الرسم، وبقي الإسم، واتفق الودود والكنود على الفضل
والعلم.
وعزاء فيك لأمّة أردت رشادَها، وأصلحت فسادَها، ونفقت
كسادَها، وقوّمت منآدها، وملكتَ بالاستحقاق قيادَها، وأحسنتَ تهيئتها للخير
وإعدادَها، وحملتها على المنهج الواضح، والعلمَ اللائح، حتى أبلغتها سدادَها،
وبنيت عقائدها في الدين والحياة على صخرة الحق، ومثلك مَن بنى العقائد وشادها،
أعليت اسمها بالعلم والتعليم، وصيّرت ذكرها محل تكريم وتعظيم، وأشربتها معاني
الخير والرحمة والمحبة والصدق والإحسان والفضيلة فكنت لها نعم الراحم وكنت بها
البر الرحيم.
ولقد حييتَ فما كانت لفضلك جاحدة، ومتّ فما خَيَّبتْ من
آمالك إلا واحدة.
هذه الواحدة بيّنها الشيخ الإبراهيمي فقال: (هي القيام
بثورة جارفة تكتسح الاستعمار الفرنسي، وتنتزع بها منه حريتها واستقلالها، فهذه هي
الأمنية التي كنا نتناجى بها ونعمل لتصحيح أصولها، وقد حقّقت الأمّة الجزائرية
الماجدة هذه الأمنية بعد نحو أربع عشرة سنة على أكمل وجه).
من
درر الشيخ الإبراهيمي
من الأقوال التاريخية للشيخ الراحل الإمام البشير الإبراهيمي
قوله، رحمة الله عليه:
«إن فرنسا قد جهلت أو تجاهلت أن أبناء الجزائر، كغيرهم
من أبناء العروبة، قد انحدروا من أصلاب قوم كرام يأنفون الذل، ولا يصبرون على
الضيم، بل كانوا يؤثرون الموت في عزة وكرامة، على الحياة في ذلة ومهانة.
وإني أومن إيمانًا صادقًا أن لا بقاء للاستعمار في أمة
مسلمة؛ لأن مبادئ هذا الدين، وتعاليمه، وتوجيهاته، خير دعامة للحرية، وأقوى حافز
للثورة ضدّ الذل والعسف.
إن الدين يأمرنا بالاتحاد، والتعاون، والتآزر، ويفرض
علينا القتال والنضال، كلما خِيفَ على حرّيتنا أن تُسلب، وعلى كرامتنا أن تُهْدَر،
فكيف يتفق أن يكون للاستعمار بقاء مع هذه المبادئ العظيمة التي قرّرها الدين؟».
