لم يتوقف ترقب وانتظار خبراء كرة القدم طوال
الموسم لما سيحققه ليستر سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث توقع البعض أن
يرضخ الفريق لضغوط المراحل الأخيرة ويفقد اللقب قبل أمتار قليلة من منصة التتويج، لكن
هذا لم يحدث، بل المعجزة الليستراوية تحققت، وأفلح النجم الجزائري رياض محرز
ورفقاؤه في إهداء اللقب لفريق المدينة التي باتت شهيرة جدا، وأصبح لفريقها أنصار
بالملايين في الجزائر، قدرت تقارير عددهم بستة ملايين.
ونجح ليستر سيتي في مخالفة كل التوقعات وواصل
المشوار إلى النهاية حتى حسم لقب الدوري لصالحه، إثر تعادل أقرب ملاحقيه توتنهام
مع تشيلسي 2 / 2 مساء الاثنين 2 ماي 2016 في ختام منافسات المرحلة السادسة
والثلاثين من المسابقة.
واللقب هو الأول لليستر سيتي في الدوري
الإنجليزي الممتاز طوال تاريخ النادي الذي تأسس قبل 132 عاما، وقد جاء بمثابة
واحدة من كبرى المفاجآت في عالم كرة القدم.
وقال جيمي فاردي نجم هجوم ليستر سيتي:
"إنه أكبر إنجاز في تاريخ هذا النادي الكبير، وسنشعر بالفخر لكوننا جزءا
منه". وأضاف: "تحقيق هذا الإنجاز مع هؤلاء اللاعبين يمنحه مزيدا من
الخصوصية".
وتابع: "هذه اللحظة تستحق كل دقيقة من
العمل الجاد قدمناها على ملعب التدريبات".
وكان ليستر سيتي يتنافس بدوري الدرجة الثالثة
عام 2009 وعاد إلى الدوري الممتاز فقط في الموسم الماضي بعد أن توج بدوري الدرجة
الأولى.
وكاد ليستر أن يهبط من جديد، حيث قضى 140
يوما من الموسم الماضي ضمن المراكز الأخيرة بجدول الدوري، لكنه أفلت من الهبوط
بتحقيق سبعة انتصارات خلال آخر تسع مباريات له بالموسم.
ورغم صحوة الفريق في المراحل الأخيرة، أقيل
نيجل بيرسون من منصب المدير الفني في جوان وحل مكانه الإيطالي المخضرم كلاوديو
رانييري الذي كان قد أقيل قبلها بثمانية أشهر من تدريب المنتخب اليوناني.
وبفريق لا تتجاوز القيمة الإجمالية للاعبيه
55 مليون جنيه إسترليني (81 مليون دولار)، وهو ما يقل بفارق هائل عن أندية كبرى
مثل مانشستر يونايتد وتشيلسي ومانشستر سيتي وأرسنال، دخل ليستر سيتي هذا الموسم
ومراهنات فوزه باللقب لا تتجاوز نسبتها "1 إلى 5000".
ومع تألق فاردي، الذي حقق رقم قياسيا في
الدوري الإنجليزي بالتسجيل في 11 مباراة متتالية، إلى جانب النجم الجزائري رياض
محرز ومع وجود خط دفاع صلب، حقق ليستر سيتي انطلاقة قوية ونجح في اعتلاء الصدارة
في نوفمبر.
وخلال فترة الاحتفال بأعياد الميلاد
(كريسماس)، تراجع ليستر إلى المركز الثاني ليظن كثيرون أن الفريق بدأ مرحلة السقوط
إلى المراكز الأخيرة بالدوري.
لكن الفريق استعاد توازنه وأعاد تنظيم صفوفه
من جديد ليعود إلى الصدارة في منتصف جانفي، وبعدها بدأ الجميع في التساؤل
"ماذا لو؟ (فاز ليستر باللقب)" ولكن رانييري كان يتمسك دائما بعدم
الحديث عن اللقب والمبالغة في التوقعات.
وفضل رانييري البقاء على أرض الواقع طوال
الموسم، وأحيانا كان يقلل من إنجاز الفريق وفضل التركيز في كل مواجهة على حدة. وتحدث
رانييري فقط عندما وصل فريقه إلى النقطة 40، حيث اعتبرها النقطة المطلوبة لتفادي
الهبوط.
بعدها حول تركيزه إلى ضمان تأهل الفريق
للمشاركة الأوروبية في الموسم المقبل، وبعد حسم بطاقة المشاركة في دوري الأبطال، ظل
رانييري على موقفه، حتى تحدث أخيرا قبل أسبوعين عن إمكانية تتويج فريقه باللقب.
وتابع: "كنت أسعى فقط للفوز بمباراة بعد
الأخرى وأساعد لاعبينا على التحسن في كل أسبوع تلو الآخر. لم أفكر كثيرا فيما
سيقودنا إليه هذا العمل. اللاعبون كانوا رائعين. تركيزهم وإصرارهم وروحهم هم ما
جعلوا الأمر ممكنا. في كل مباراة يكافحون من أجل بعضهم البعض، وأنا أحب أن أرى ذلك
في لاعبينا".
من صراع الهبوط.. إلى المجد
في أفريل من العام الماضي كان ليستر سيتي
يتذيل ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بفارق سبع نقاط عن أقرب فريق
وبدا أنه في طريقه للهبوط.
وبعد النجاة بمعجزة كتب الفريق قصة خيالية
بفوزه بلقب الدوري للمرة الأولى في تاريخه في أحد أكبر المفاجآت في تاريخ الرياضة.
وفيما يلي أهم اللحظات خلال عام شهد الكثير
من المفاجآت:
* 2015
- 21
مارس: خسر ليستر 4-3 أمام توتنهام هوتسبير ليتذيل ترتيب البطولة بفارق سبع نقاط عن
أقرب فريق. انتصر أربع مرات في 29 مباراة. سجل فاردي هدفه الثاني في الموسم ورفع
رصيده إلى خمسة أهداف في 37 مباراة بعد ذلك.
- 26
مارس: العثور على بقايا جثة الملك ريتشارد الثالث مدفونة أسفل أحد مواقف السيارات
في ليستر وأعيد دفنها في كاتدرائية المدينة. اعتبر ذلك بمثابة تحول في حظوظ
النادي.
- الرابع
من أفريل: بدأت رحلة النجاة من الهبوط بالفوز 2-1 على ملعبه على وست هام يونايتد.
- 25 أفريل:
الفوز 1-صفر على بيرنلي منافسه على الهروب من الخطر ليحقق الفريق الانتصار الرابع
على التوالي ويخرج من منطقة الخطر.
- 16 ماي:
بالتعادل بدون أهداف مع سندرلاند ضمن ليستر البقاء بين الكبار قبل جولة واحدة من
نهاية الموسم.
- 24 ماي:
أنهى ليستر الموسم بطريقة رائعة باكتساح كوينز بارك رينجرز 5-1. وبعد الفوز أربع
مرات في 29 مباراة انتصر الفريق سبع مرات وتعادل مرة واحدة في اخر تسع مباريات
لينهي المسابقة في المركز 14 من بين 20 فريقا.
- هبط
كوينز بارك وبيرنلي وهال سيتي إلى الدرجة الثانية ونجا استون فيلا وسندرلاند
ونيوكاسل يونايتد بصعوبة بالغة.
- 17 جوان:
جيمس بيرسون نجل نايجل بيرسون مدرب الفريق هو أحد ثلاثة لاعبين قرر النادي طردهم
بعد تورطهم في واقعة تحرش جنسي وعنصرية ضد ثلاث سيدات خلال رحلة الفريق إلى
تايلاند.
- 30 جوان:
إقالة نايجل بيرسون الذي كان بمثابة بطلا للنادي قبل شهر فقط بعد تكهنات بوجود
خلاف مع ملاك النادي التايلانديين بسبب الاستغناء عن نجله.
- 13 جويلية:
الإيطالي كلاوديو رانييري يتولى تدريب الفريق وهو النادي رقم 15 في مسيرته
التدريبية.
- الثامن من أوت: ليستر يفتتح الموسم بالفوز
على ملعبه 4-2 على سندرلاند.
- 26
سبتمبر: انتهت مسيرة ليستر الخالية من الهزيمة في أول ست مباريات في موسم المسابقة
بعد الهزيمة على ملعبه 5-2 أمام آرسنال.
- 21
نوفمبر: ليستر يفوز خارج ملعبه 3-صفر على نيوكاسل ويعتلي صدارة الدوري الممتاز.
- 28
نوفمبر: ليستر يتعادل مع مانشستر يونايتد وفاردي يصبح أول لاعب يسجل في 11 مباراة
متتالية في الدوري الممتاز.
- 23
ديسمبر: ليستر ينتصر 3-2 على ايفرتون ويضمن الصدارة خلال عطلة عيد الميلاد وعزز
فرصه باللقب بعد أن سبق وتوجت ثمانية فرق من أخر 11 باللقب بعد وصولها إلى القمة
في هذا الوقت من الموسم.
* 2016
- 13 جانفي:
بعد هزيمة واحدة وتعادلين والحديث عن العودة إلى أرض الواقع عاد ليستر إلى طريق
الانتصارات وتغلب 1-صفر على توتنهام منافسه على اللقب.
- 16 جانفي:
التعادل 1-1 مع استون فيلا المتعثر كان كافيا لعودة ليستر إلى القمة متقدما بفارق
الأهداف على آرسنال.
- السادس
من فيفري: جماهير ليستر تغني "الآن سيتعين عليكم أن تصدقونا.. وسوف نفوز بلقب
الدوري" ومجموعة قليلة ما زالت لا ترى إمكانية حدوث ذلك بعد الفوز 2-صفر على
ليفربول و3-1 خارج ملعبه على مانشستر سيتي.
- 14 فيفري:
تجمد الحلم حيث اقتنص البديل داني ويلبك الفوز 2-1 لآرسنال في الوقت المحتسب بدل
الضائع.
- 27 فيفري:
بداية "المرحلة الثانية" حيث بدأ المنافسون في استيعاب خطة ليستر
بالاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة وفوز الفريق بصعوبة خارج ملعبه 1-صفر على
نوريتش سيتي.
- العاشر
من أفريل: الفوز 2-صفر على سندرلاند جعل الفريق يحافظ على نظافة شباكه للمرة
الخامسة على التوالي والابتعاد بفارق سبع نقاط عن أقرب منافسيه قبل خمس جولات من
النهاية.
- 17 أفريل:
بعد التأخر 2-1 على ملعبه أمام وست هام وطرد فاردي حصل ليستر على ركلة جزاء في
النهاية حولها ليوناردو اويوا بنجاح داخل المرمى ليتعادل الفريق 2-2.
- 24 أفريل:
ليستر يتجاوز غياب فاردي بسبب الإيقاف ويكتسح سوانري سيتي 4-صفر وفي ختام رائع
لليوم حصل رياض محرز على جائزة رابطة اللاعبين المحترفين لأفضل لاعب في كرة القدم
الإنجليزية وانضم فاردي ونجولو كانتي لاعب الوسط والمدافع ويس مورغان إلى أفضل
تشكيلة في الموسم.
- 25 أفريل:
توتنهام الفريق الوحيد القادر على اللحاق بليستر يتعادل 1-1 على ملعبه مع وست
بروميتش البيون ليبتعد ليستر بفارق ثلاث نقاط عن اللقب قبل ثلاث جولات من النهاية.
- الأول
من ماي: ليستر يتعادل خارج ملعبه 1-1 مع مانشستر يونايتد ليقترب من اللقب.
- الثاني
من ماي: توتنهام بحاجة للفوز في جميع مباريات الثلاث الأخيرة للحفاظ على آماله في
انتزاع اللقب لكن بعد التقدم 1-صفر على تشيلسي الفائز باللقب في الموسم الماضي انتهت
المباراة بالتعادل 2-2 ليتوج ليستر بطلا للدوري.
محرز.. "ثروة
حقيقية" في ليستر سيتي
في عام 2014 اشترى ليستر سيتي محرز من نادي
لوهافر الفرنسي مقابل 400 ألف جنيه إسترليني، وكان ليستر وقتها يلعب في دوري
الدرجة الأولى، وساهم محرز في صعود الفريق إلى البريمييرليغ، حيث شارك في 19
مباراة أحرز خلالها 3 أهداف.
وفي موسمه الأول مع العمالقة شارك محرز في 32
مباراة أحرز خلالها 4 أهداف، ونجا ليستر من الهبوط بمعجزة، حيث جمع 41 نقطة احتل
بها المركز الرابع عشر في الجدل، وبفارق 6 نقاط فقط عن آخر الهابطين هال سيتي.
وفي الموسم الحالي انفجر محرز، وشارك في 34
مباراة مع فريقه في البريمييرليغ، ولم يغب عن صفوفه سوى في مباراة واحدة، وأحرز النجم
الجزائري، البالغ من العمر 25 عامًا، 17 هدفًا احتل بهم المركز الخامس في ترتيب
هدافي البطولة، إضافة إلى أنه صنع العديد من الكرات الحاسمة التي ترجمها زملاؤه
إلى أهداف، وهو ما أدى إلى تتويجه كأفضل لاعب في إنجلترا هذا الموسم، ليكون أول
لاعب عربي وإفريقي يفوز بتلك الجائزة.
وبحسبة الأهداف والأسيست، فإن محرز اقتنص
لفريقه 30 نقطة من إجمالي 77 نقطة توّجت ليستر بطلاً للبريمييرليغ قبل مرحلتين على
النهاية.
وبحسبة أخرى، فإن قيمة محرز في سوق
الانتقالات صعدت بسرعة الصاروخ، فمن 400 ألف جنيه إسترليني (577 ألف دولار)، أصبح
سعر محرز الآن 35 مليون جنيه إسترليني، ما يعادل 52 مليون دولار.
الآن فإن ليستر سيتي حقق المعجزة وتُوّج
باللقب لأول مرة في تاريخه، وسيشارك أيضا للمرة الأولى في دوري أبطال أوروبا
الموسم المقبل، ويتعين على إدارته أن تحدد أهدافها المستقبلية، فهل تكتفي بالوصول
إلى القمة وتسعى لتحقيق المكسب المادي من بيع أبرز نجومها وعلى رأسهم محرز المطلوب
في ريال مدريد وبرشلونة وآرسنال وباريس سان جيرمان، أم تحافظ عليهم انتظارًا
لمعجزات أخرى؟..
ميسي ونجوم العالم يتحدثون عن معجزة ليستر سيتي
تحدث أفضل لاعب في العالم ليونيل ميسي عن
روعة عالم كرة القدم وتأثير وفوائد اللعبة الشعبية في شتى بقاع الأرض، عندما احتفل
بفوز ليستر سيتي بلقب الدوري الانجليزي الممتاز، وكتب على صفحته على موقع تويتر
"هذا هو السبب وراء عشقنا جميعا لكرة القدم. تهانينا."
وردد جياني انفانتينو رئيس الاتحاد الدولي
(الفيفا) نفس الكلمة والوصف المعتاد عن "القصة الجميلة" و"القصة
الخيالية" بعدما نجا ليستر سيتي من الهبوط في الموسم الماضي ليتوج بطلا
للدوري.
وضمن ليستر الفوز باللقب للمرة الأولى في
تاريخه بعد تعادل منافسه الوحيد على اللقب توتنهام هوتسبير 2-2 مع جاره تشيلسي.
وانتهج غاريث بيل لاعب ريال مدريد الذي
يتنافس فريقه مع برشلونة واتليتيكو مدريد على لقب الدوري الاسباني نفس وجهة النظر.
وكتب اللاعب الويلزي الذي سبق له اللعب
لتوتنهام على موقع تويتر "أشعر بحزن من أجل توتنهام لكن أوجه التهنئة لليستر.
موسم رائع. أحب كرة القدم."
وقال غاري لينيكر اللاعب السابق لليستر
والمنتخب الانجليزي "ليستر سيتي توج بطلا للدوري الممتاز. أكبر مفاجأة رياضية
في حياتي وفريقي السابق هو من فعلها."
ووعد لينيكر أن يقدم برنامج "أفضل
مباراة" على تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وهو يرتدي ملابسه
الداخلية إذا توج فريقه السابق باللقب لكن لم يتوقع كثيرون أن يقدم بالفعل على
تنفيذ الوعد.
وقال جون تيري مدافع وقائد تشيلسي الفائز
باللقب في الموسم الماضي بعد أن حول فريقه تأخره إلى التعادل 2-2 مع توتنهام
"طيلة الموسم كان الحديث عن أن الفريق سيخسر المباراة المقبلة لكن ليستر واصل
انتصاراته واستمر في الحصول على نتائج رائعة."
وأضاف "أن يفعل ما فعله هذا الموسم هو
أمر لا يصدق ومنح الأمل بذلك للفرق الصغيرة."
وتغنت جماهير تشيلسي التي يشتهر المدرب
كلاوديو رانييري بينها على الرغم من إقالته قبل 12 عاما بعد وصول المالك رومان
ابراموفيتش باسم المدرب الايطالي حيث حصد لقبه الأول في الدوري بعد مسيرة تدريبية
امتدت نحو 30 عاما عبر أنحاء أوروبا.
وقال ماوريسيو بوكيتينو مدرب توتنهام الذي
بالتأكيد توقع أن يتأجل حسم اللقب إلى أخر جولتين بعد تقدم فريقه 2-صفر على تشيلسي
في نهاية الشوط الأول: "أولا أريد توجيه التهنئة لليستر وكلاوديو رانييري
ولاعبيه وجماهير الفريق. هذا موسم كبير لهم. نحن فقط بحاجة لكي نكون أكثر قوة في
الموسم المقبل."
وقال فينسن كومباني مدافع مانشستر سيتي
"أهنئ البطل الجديد لإنجلترا ليستر سيتي."




