-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

حوار خاص مع الدكتور إسماعيل خلف الله



       رئيس الجمعية الجزائرية ـ الفرنسية للحقوق والحريات
الدكتور إسماعيل خلف الله:
"نسعى لإجبار فرنسا على الاعتراف بجرائمها في حق الجزائريين"

ـ هكذا يُحضّر جزائريون لمقاضاة فرنسا على جرائمها
ـ جماجم 18 ألف جزائري موجودة بباريس.. و30 ألف توقيع لاستعادتها
ـ العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية عرجاء.. والجالية الجزائرية بفرنسا مهمشة
ـ أرجو أن يتم توافق سياسي بين كل التيارات السياسية في الجزائر
ـ أتمنى أن يكون انخفاض أسعار النفط سببا لبناء اقتصاد حقيقي
ـ حذّرنا مراراً وتكراراً من خطر التشيع

كشف رئيس الجمعية الجزائرية ـ الفرنسية للحقوق والحريات الدكتور إسماعيل خلف الله أن هناك جهات قانونية تُحضّر لرفع دعوى قضائية ضد الحكومة الفرنسية بتهمة ارتكاب جرائم في الجزائر إبان فترة احتلالها، "وهي الآن في مرحلة جمع ملفات الضحايا والأدلة"، مضيفا أن لديه معلومات عن فرنسيين "من قدماء حرب الجزائر يُطالبون اليوم برفع السر العسكري وكشف حقيقة تورط فرنسا في حدوث الاشعاعات النووية، التي تعتبر جرائم حرب، وهم يُطالبون أيضا بالتعويض لتعرضهم لتلك التجارب النووية".
وقال الدكتور خلف الله أن الجمعية التي يترأسها تسعى بكل ما تملك من قدرة إلى دفع فرنسا للاعتراف بجرائمها في حق الجزائريين، مشيرا، من جانب آخر، إلى جهود تُبذل لاستعادة جماجم 18 الف جزائري موجودة بأحد متاحف باريس.. كما تحدث عن مجموعة من الملفات والقضايا الأخرى، الوطنية والدولية، تكتشفونها في هذا الحوار الخاص..

ـ حاوره: الشيخ بن خليفة ـ

س1: هل من نبذة تعريفية بشخصكم الكريم؟ وهل جمعيتكم معترف بها في فرنسا؟
الدكتور إسماعيل خلف الله: الدكتور إسماعيل خلف الله محام جزائري وباحث في القانون الدولي ورئيس الجمعية الجزائرية ـ الفرنسية للحقوق والحريات ومقرها باريس.. وجمعيتنا معتمدة بفرنسا ضمن قانون الجمعيات الفرنسي لسنة 1901م.

 س2: ما هي أهداف الجمعية الجزائرية الفرنسية للحقوق والحريات؟ وهل من إنجازات محققة في مجال الدفاع عن حقوق الجزائريين في فرنسا، وحقوق الجزائريين الذين وقعوا ضحية لهمجية الاستعمار الفرنسي؟
من أهم أهداف الجمعية:
الدفاع عن حق المواطنة، وتحسيس المجتمع باحترام القانون، وتعريف وتبيان الحقوق الفردية والجماعية لأفراد المجتمع، وإقامة الملتقيات والدورات التدريبية في مجال القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان.
ونحن نعمل بالتعاون مع مختلف الجمعيات التي تهدف إلى الدفاع عن حقوق جاليتنا بالمهجر سواء ما تعلق بالحقوق هنا بفرنسا أو داخل وطننا الأصلي الجزائر، وقد شكّلنا مع العديد من هذه الجمعيات ما يُسمى بفدرالية الجزائريين بفرنسا، وأهم القضايا التي تطرقنا لها هي قضية جماجم شهداء الجزائر الموجودة بمتحف الإنسان بباريس وقد عقدنا مؤتمرا صحفيا حضرته بعض وسائل الإعلام ومنها وسائل الإعلام الجزائرية وبعض النواب  الفرنسيين والعديد من النشطاء في الحركة الجمعوية بالإضافة إلى الأستاذ الجزائري في جامعة "سيرجي بونتواز" الفرنسية  إبراهيم سنوسي الذي قام بجمع أكثر من 30 ألف توقيع على عريضة المطالبة باسترجاع هذه الجماجم إلى الجزائر والتي يعود بعضها إلى قادة ثوريين أمثال الشهيد الشريف بوبغلة.
ونحن متمسكون بمطلب اعتراف فرنسا بجرائم الحرب التي اقترفتها في حق الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية، ونسعى بكل ما نملك للوصول إلى هذا الهدف.

س3: كيف تقيّمون راهن العلاقات بين الجزائر وفرنسا؟ وكيف تتوقعون مستقبلها في ظل احتمال وصول أحد "كارهي الجزائر" إلى الإيليزيه؟
 بالنسبة لواقع العلاقات الجزائرية الفرنسية، عندما نسمع لمسؤولي البلدين نجدهم يصرحون دائما بأن هذه العلاقات هي علاقات جيدة للغاية وفي طريقها الصحيح، وهي تعيش مرحلة جديدة خاصة عندما قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى جانب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سنة 2012 وضع أسس إعادة بناء العلاقات بين الجزائر وفرنسا.
غير أن الواقع يقول غير ذلك، فعندما ننظر لهذه العلاقات نجدها تسير عرجاء، فهي كلما تجاوزت مطبا سياسيا وقعت في آخر، وحادثة الأزمة الدبلوماسية الحادة التي تسبب في وقوعها رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس غير بعيدة، عندما زار الجزائر وقام بنشر صور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وهو في حالة صحية حرجة للغاية.
وهذه الحادثة هي عينة على استمرار مسلسل توتر العلاقات بين البلدين.
ونستطيع ربط هذه الأزمات المتتالية بما يجري الآن في الداخل الفرنسي من صراع سياسي بين جناح اليمين وجناح اليسار خصوصا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجرى العام المقبل.
وأنا أعتقد بقاء سياسة المد والجزر بين البلدين حتى لو وصل أحد كارهي الجزائر كما سميتهم إلى قصر الإليزيه.


س4: بين الفينة والأخرى يعاد إلى الواجهة ملف الجرائم الفرنسية الوحشية في الجزائر. بصفتكم رجل قانون، هل ترون أنه بمقدور الجزائريين، عاجلا أو آجلا، الحصول على تعويضات نتيجة الضرر الذي لحق ـ ومازال ـ بهم وببلادهم؟ وما هي الآليات القانونية اللازمة للدفاع عن هذا الحق؟
ج4: جرائم فرنسا في الجزائر إبّان الحقبة الاستعمارية لا تسقط بالتقادم، وبالتالي فمسألة مقاضاة فرنسا على هذه الجرائم أمام الهيئات الدولية المختصة لا ترتبط بوقت أو بآجال قانونية، فيمكن القيام بذلك في أي وقت، وهذا بطبيعة الحال عند استكمال كل ما يتعلق بهذا الملف من شهادات حية ومن وثائق اثبات وباقي الإجراءات التي تتطلبها ملفات كهذه.
ونحن على علم بأن هناك جهات قانونية تُحضّر لرفع دعوى قضائية ضد الحكومة الفرنسية، خاصة ما تعلق بجريمة التجارب النووية السرية التي قامت بها قوات الجيش الفرنسي بمنطقة رقان بالجنوب الجزائري والتي كانت لها آثارا كبيرة سواء على الإنسان أو الحيوان أو النبات في تلك المنطقة والمناطق القريبة منها، من جرّاء الدمار الكبير الذي خلّفته تلك التجارب.
وهذه الجهات القانونية التي لا أريد ذكرها لأسباب موضوعية، هي الآن في مرحلة جمع ملفات الضحايا والأدلة، من وثائق وصور سواء من أرشيف الجيش الفرنسي أو من شهادات الضحايا الذين لا يزالون على قيد الحياة، والقيام بتسجيل هذه الشهادات.
كما لدينا معلومات أن هناك العديد من الفرنسيين من قدماء حرب الجزائر يُطالبون اليوم برفع السر العسكري وكشف حقيقة تورط فرنسا في حدوث تلك الاشعاعات النووية، والتي تعتبر جرائم حرب، وهم يُطالبون أيضا بالتعويض لتعرضهم لتلك التجارب النووية.
وهناك جمعية في فرنسا تُسمى " جمعية قدماء محاربي التجارب النووية" قامت برفع دعاوى تعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جرّاء التفجيرات النووية التي حدثت في سنة 1960 بالجنوب الجزائري.
كل هذا الحراك القانوني يُعتبر أدلة دامغة على المسؤولية المباشرة لفرنسا على هذه الجرائم، وبالتالي فهي تجرها حتما أمام الاعتراف بها وتعويض الضحايا وخاصة الجزائريين منهم، أو مقاضاتها أمام الجهات الدولية المختصة، عبر الآليات والإجراءات التي تم ذكرها سابقا.

س5: أثيرت مؤخرا قضية جماجم المقاومين الجزائريين الموجودة بفرنسا، والتي قالت باريس أنها لم تتلق طلبا رسميا من الجزائر لاستعادتها. ما هي أبعاد هذه القضية، وكيف تتوقعون مآلاتها؟
ج: هذه الجماجم أول من كشف سرّها هو الباحث الجزائري علي فريد بلقاضي في مارس 2011م، وعددها يُقارب 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف الانسان بباريس، منها 500 تم التعرف لحد الآن على هويات أصحابها من بينهم 36 جمجمة تعود لقادة من المقاومة الجزائرية في أواسط القرن التاسع عشر، وكما ذكرنا سابقا على أن الدكتور إبراهيم سنوسي قام بتحرير عريضة لإعادة هذه الجماجم إلى الجزائر وقد فاقت توقيعات هذه العريضة 30 ألف توقيع.
والسلطات الجزائرية كانت قد أرسلت وفدا يرأسه وزير المجاهدين الطيب زيتوني الذي صرّح بأن هناك أملا في استرجاع جماجم الشهداء إلى الجزائر.

س6: يرى كثيرون أن الجزائر مازالت عاجزة، بعد 54 سنة من الاستقلال، عن التخلص من التبعية الثقافية وخاصة اللغوية، لفرنسا. ما رأيكم؟
 ج6:أنا أعتقد أنه ليس هناك إرادة سياسية حقيقية للتخلص من هذه التبعية اللغوية والثقافية، بل هناك من داخل السلطة الجزائرية من يعمل على إبقاء هذه التبعية، هذه هي الحقيقة بكل مرارة.
فإذا اعتبرنا التبعية للغة العلوم والتطور العلمي هي ضرورة ستكون حتما هي اللغة الإنجليزية وليس الفرنسية، ولكن للأسف نحن مازلنا نحِنُّ للغة الفرنسية ونتفاخر بها أكثر من الفرنسيين أنفسهم، وفي ظل وجود هؤلاء داخل دواليب السلطة الجزائرية وهم من يرسمون المناهج التعليمية والتربوية، فبدون أدنى شك أن هذه التبعية ستبقى قائمة.

س7: يشكل الجزائريون أكبر جالية مسلمة في فرنسا. ما هو وضعهم بشكل عام؟ وهل تراجعت موجة العنصرية التي انتشرت بشكل كبير بعد الاعتداءات الإرهابية التي هزت فرنسا؟
ج7: بالرغم من أنّ الجالية الجزائرية بفرنسا تمثل وعاءً انتخابيا هاما سواء للجزائر أو لفرنسا، إلا أنّها تبقى مهمشة، ولا يُسمع لما تطرحه من مشاكل وانشغالات، وأول مشكل تُواجهه الجالية الجزائرية بفرنسا هو الارتفاع الفاحش في أسعار الرحلات من وإلى الجزائر سواء عبر الخطوط الجوية الجزائرية أو عبر النقل البحري، وخاصة للعائلات التي لديها أولاد، وفي ظل هذا الوضع لا تستطيع هذه العائلات التنقل إلى الوطن الأصلي الذي تحنّ له القلوب وهو الجزائر، وعلى عكس جيراننا من الجالية المغربية والتونسية الذين يُسافرون بأسعار منخفضة جدا.
أما بخصوص موجة العنصرية فقد زادت وخاصة بعد الاعتداءات الإرهابية التي حصلت بباريس ونيس، وبالتالي فهذا مشكل آخر تواجهه الجالية الجزائرية وكل الجاليات المسلمة الأخرى.

س8: كيف تنظرون إلى مستقبل الجاليات المسلمة في الغرب، في ظل تنامي نزعة التطرف لاسيما في ظل وصول تيارات وشخصيات معادية للمسلمين إلى مراكز صناعة القرار ـ الظاهرية على الأقل ـ في العديد من البلدان الغربية الكبيرة؟
 ج8: إنّ الأحداث الإرهابية التي حصلت وتحصل سواء في العالم الإسلامي أو في البلدان الغربية تركت أثرا سيِّئا ورسّخت صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين، فبغض النظر عن أسبابها وعمن يقف وراءها، فإن هذه الأحداث للأسف تركت تداعيات سلبية على الجالية المسلمة في الغرب، بل وتهدد وجودها، وبالتالي فهي حتما ستؤدي إلى التضييق على حرية الممارسة الدينية لهذه الجالية، وقد ذهبت العديد من الدول الغربية إلى سن القوانين المتعلقة بمحاربة الإرهاب، وهذا ما سمح لليمين المتطرف بالاستثمار في هذه المسالة بقوة،والذي وجد مصلحته في الترويج للأفكار المتطرفة ضد الجالية المسلمة لعزلها نهائيا عن المجتمع الذي تعيش فيه.
وللتصدي لهذا الإرهاب الفكري ضد تواجد المسلمين في الغرب، لابد لهذه الجالية أن تنخرط في الحياة السياسية بقوة والمناورة بالوعاء الانتخابي الذي تملكه، وتعمل على أن يكون لها دور في حفظ الأمن والاستقرار داخل هذه الدول حتى يُبعدوا تلك الصورة السلبية التي تم رسمها عن قصد وعن غير قصد.

س9: كيف تقيّمون حصاد "الربيع العربي" بعد سنوات من انفجار شرارته؟
 ج9: لو نُطلق عليه اسم الشتاء العربي يكون أفضل، فأي ربيع هذا الذي دمّر كل البنية التحتية لغالبية الوطن العربي وصورة سوريا واليمن وليبيا خير دليل على ما نقول..
لما قامت هذه الثورات كانت الفئات الشعبية تطمح من وراءها إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات العامة والفردية، ولما كانت كل هذه الأمور خطرا على إسرائيل الموجودة داخل الجسم العربي، والتي تُعتبر الابن المدلل لأمريكا، قامت الدول الغربية وعلى رأسهم أمريكا بإجهاض هذه الثورات وإبطال كل المشاريع التي كانت تطمح لها شعوب هذه الدول.
هذه باختصار الصورة العامة لهذا الربيع.

س10: ما موقع الجزائر من الحراك الذي تشهده المنطقة؟ وما هي آفاقها المستقبلية حسب المعطيات الحالية، لاسيما في ظل المتاعب المالية وتآكل احتياطات الصرف؟
ج10: للأسف الجزائر تم استبعادها وتخلّت على دورها الطبيعي الذي كانت تمارسه من قبل سواء عل المستوى العربي أو الإقليمي أو الدولي، الجزائر التي كانت تحل النزاعات الدولية وتفصل في القضايا الشائكة، تلك الجزائر لم نعد نجدها اليوم، والذي زاد الطين بلة هي تلك السياسات الحكومية الفاشلة في إدارة الشأن الداخلي للجزائر والتخلي عن انشغالات المواطن الجزائري الحقيقية، والذي زاد الوضع سوء على سوء هو تراجع مداخيل الجزائر من جراء السقوط الحر لأسعار النفط.

س11: تتحدث العديد من الأوساط الجزائرية، بعضها رسمي، عن مخطط أجنبي خطير يستهدف تقسيم الجزائر. كيف تتجنب بلادنا مثل هذا المصير؟ وما هو سبيل التصدي للمخاطر التي تتهدد المرجعية الدينية للجزائريين؟
 ج11: نحن نعلم أن حدود الجزائر الشرقية والجنوبية مشتعلة وبالتالي فالخطر موجود بلا شك، ولكي تتجنب الجزائر هذه الأخطار المحيطة بها، لابد من تقوية الجبهة الداخلية، وهذه الأخيرة لا يمكن لها أن تكون قوية ومتلاحمة والسلطة مازالت تقصي المعارضة والنقابات المهنية المستقلة من صناعة القرارات التي تهم الشأن العام الداخلي، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.

س12: ماذا عن المد الشيعي؟ ما مدى خطورته على الأمة الإسلامية عموما وعلى الجزائر بوجه خاص؟ وهل من إمكانية للتقارب السني ـ الشيعي تحت لواء كلمة التوحيد؟
  ج12: لقد حذّرنا مرارا وتكرارا من خطر التشيع الذي تسعى من خلاله إيران لنشر فكر ولاية الفقيه، وهذه الطريقة تُعرف بطريقة التوسع الناعم، فهي تستعمل ورقة التشيع وتستخدم الشيعة العرب كوقود للحروب التي تريد نشرها داخل المنطقة العربية وهذا للاستلاء عليها كما هو حاصل الآن في العراق والتي أصبحت عبارة عن محافظة تابعة لإيران، أو لإضعاف هذه الدول بنشر الفوضى داخلها، فإيران قد نجحت في الكثير من الدول من تكوين ميليشيات تابعة لها وتأتمر بأوامر طهران أو ما يُسمى بالولي الفقيه، والصورة واضحة في لبنان من خلال التنظيم المسمى بحزب الله، وفي اليمن من خلال جماعة الحوثي.

س13: إلى أين تتجه الأمة الإسلامية في تقديركم؟
 ج13: الأمة الإسلامية اليوم تعيش مرحلة صعبة للغاية من جرّاء الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية السيئة لمعظم الدول العربية والإسلامية، فالكل يرى ما تعيشه سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين وبالأخص عملية تهويد مدينة القدس، والأوضاع السيئة التي يعيشها مسلمو بورما من تمييز وقتل وتهجير، كما أن باقي معظم هذه الدول تعيش أزمات أمنية وسياسية واقتصادية.
ودعنا نقولها بكل صراحة الأمة الإسلامية انخدعت إلى حد بعيد بقيام الثورة الإيرانية ونجاحها في الاستلاء على السلطة، فقد اعتقدنا أنها ثورة إسلامية وقد تعاطفنا معها حتى جاءت الثورة السورية التي فضحت كل هذه الأكاذيب التي كنا نحملها على النظام الإيراني والتنظيم المسمى بحزب الله والذي يعتبر ذراع إيران في لبنان وفي الوطن العربي.
كل هذه المعطيات الجديدة تستدعي أن تعيد الأمة الإسلامية حساباتها جيدا، فإيران وحزب الله يعتبران الجبهة التي تحمي الكيان الصهيوني داخل الجسم العربي والإسلامي.

س14: في رأيكم: ما الحل العملي لإنهاء الأزمة السورية؟
ج14: الوضع الحالي في سوريا أصبح معقدا جدا، وهناك عدة أطراف دولية تستفيد من بقاء هذا الوضع الكارثي الذي وصلت إليه سوريا،
وفي اعتقادي أن سوريا اليوم في منظور القانون الدولي هي مستعمرة من طرف روسيا، هذه هي الحقيقة، وعلى كل القوى السورية المعارضة حسب نظري، من هنا فصاعدا المطالبة بتصفية الاستعمار، فمخطط روسيا داخل سوريا أصبح واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، وكل هذا تحت الحماية الدولية وبضوء أخضر من أمريكا.
وبالتالي فحل الأزمة السورية أصبح اليوم صعبا مادامت الحماية الدولية متواصلة لهذه الغطرسة الروسية على سوريا، ولا يمكن وضع حد لهذه الوضعية إلا إذا تظافرت الجهود الدولية وضغطت على روسيا بتوقيف ضرباتها الجوية وقنابلها المحرمة دوليا التي تسقط في كل لحظة على الأبرياء من الأطفال والنساء والعجائز وغير مستثنية لا حي سكني ولا مدرسة ولا مستشفى، بل تستهدف المستشفيات أمام مرأى ومسمع كل المجتمع الدولي.


س15: هل أصبحت القضية الفلسطينية مغيّبة من الضمير الجمعي للعرب والمسلمين؟ وكيف السبيل إلى إعادة إحيائها؟
 ج15: هذا ما خططت له إسرائيل بمساعدة القوى الغربية وعلى رأسهم أمريكا، فهذه المخططات الشيطانية أوصلت الدول العربية والإسلامية إلى الوضع الحالي المزري، فقد وصل حال الدول العربية إلى تخبط كل دولة في مشاكلها، فإذا لم تكن أمنية كانت اقتصادية أو اجتماعية، وبالتالي لم يعد هناك وقت أو قدرة على تحريك القضية الفلسطينية والحديث عنها،
فإذا نظرنا إلى صورة سوريا اليوم وما يحدث يوميا بل في كل لحظة من تقتيل للمدنيين من أطفال ونساء ودمار، فهذه الصورة تغني عن الحديث أو التطرق للقضية الفلسطينية وكذلك الوضع في ليبيا.
فالقضية الفلسطينية لم يتم الوصول إلى حلول لها عندما كانت الأمة العربية والإسلامية بخير وبدون حروب ولا مشاكل أمنية واقتصادية، كيف يُمكن إيجاد الحلول لها في هذا الوضع الراهن.

س16: ما هي قراءتكم لمستجدات القضية الصحراوية؟ وهل تتصورون أن موعد استفتاء تقرير مصير الصحراويين قد بات قريبا في ظل الضغط الدولي على النظام المغربي؟
ج16: القضية الصحراوية أصبحت ورقة استفزاز وابتزاز رابحة للدول الغربية سواء للمغرب أو للجزائر، أنا أعتقد أن القضية الصحراوية هي الآن مطروحة للتسوية الأممية عن طريق إجراء استفتاء تقرير مصير الصحراويين، أتمنى ان يتم ذلك في القريب العاجل، لكي يطوى هذا الملف وتتفرغ الجزائر والمغرب لبناء الاتحاد المغاربي المنشود والذي وُلد ميتا بسبب هذا الملف الذي عمّر طويلا.

س17: هل من إضافة.. وما كلمتكم الأخيرة في ختام هذه الدردشة؟
ج17: أشكركم على اتاحتكم لي هذه الفرصة، فالشكر لكم مرة أخرى ولكل طاقم صحيفتكم الموقرة ولكل قرائها الأكارم،
وفي كلمتي الأخيرة أتمنى أن يكون انخفاض أسعار النفط سببا لتوجه سياستنا الاقتصادية نحو بناء اقتصاد حقيقي مبني على أسس سليمة وبعيدة على هذا الريع البترولي ومجازفات ومفاجآت أسواق البترول العالمية، وهذا لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي..
كما أتمنى أن يتم توافق سياسي بين كل التيارات الحزبية والسياسية في الجزائر وهذا لتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة كل الأخطار الأمنية التي تحيط بنا وتداعيات هذه الأزمة المالية والاقتصادية، فالأمر صعب جدا ويتطلب جهود الجميع بدون استثناء.

ملاحظة: الحوار أجري لصالح صحيفة "أخبار اليوم" الجزائرية ونشر في عدد الخميس 15 ديسمبر 2016

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020