-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

هذا ما دعا به محمد الشريف قاهر رحمه الله



فقدت الجزائر، يوم الجمعة 23 ديسمبر 2016، واحدا من أبرز أعلامها، حين انتقل إلى رحمة الله تعالى، العلامة محمد الشريف قاهر، رئيس لجنة الافتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى، عن عمر ناهز 83 سنة إثر وعكة صحية ألمت به مؤخرا، حسب ما علم لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وهو المصاب الجلل الذي صنع الحدث في الجزائر، وخارجها، في الساعات الماضية، نظرا لمكانة الفقيد الذي يعتبره البعض "شيخ الإفتاء" في الجزائر، بالنظر إلى كونه أهم مرجع رسمي للفتوى في غياب "مفتي الجمهورية".
تم بعد ظهر الجمعة تشييع جثمان العلامة محمد الشريف قاهر إلى مثواه الأخير بمقرة سيدي نعمان بالزغارة (أعالي العاصمة) بحضور شخصيات وطنية يتقدمهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى. 
وفي كلمة تأبينية، ذكر العلامة الشيخ الطاهر آيت علجت، مكلف بالإفتاء بوزارة الشؤون الدينية والاوقاف، بالمكانة الرفيعة التي كان يحظى بها المرحوم في أوساط المجتمع، منوها بخصاله الحميدة وأخلاقه الفاضلة طيلة حياته ومشواره المهني.
كما دعا أفراد المجتمع إلى الاستلهام من القيم الاخلاقية ومبادئ الأخوة والتسامح التي تحلى بها الفقيد.
ونعت جمعية العلماء المسلمين رحيل العلامة الشيح محمد قاهر، مذكرة بالمنابر التي تقلدها، ومساره العلمي والفكري في خدمة الدين الإسلامي والأمة الإسلامية عامة والجزائر خاصة.
العلامة الراحل وُلد بقرية تامرقرة، بولاية بجاية، في الـ 05 رمضان 1351هـ الموافق لـ 02 جانفي 1933م، وينحدر من عائلة محافظة تعيش على الفلاحة، بدأ تعليمه في سن مبكرة في مسجد القرين، ثم في زاوية سيدي يحي العيدلي أين حفظ القرآن الكريم، وأخذ المعلومات الأولية.
أما، في عام 1952 رحل إلى تونس بجامع الزيتونة طلبا للعلم، حيث تحصل على الأهلية في جوان 1954، وعلى التحصيل (باكالوريا) في جوان 1957، وعلى الشهادة العالمية في الشريعة في 1959، ليختار في بعثة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى العراق بكلية الآداب ببغداد، فنال بكالوريوس في الأدب عام 1962، ومن ثمة عاد إلى الوطن بعد الاستقلال ليعين أستاذا بثانويات: ابن تومرت ببوفاريك، وعقبة بالجزائر العاصمة، وفي 1969 انتدب إلى المعهد التربوي لتأليف كتب مدرسية، تحت إشراف الأستاذ الشيخ عبد الرحمن شيبان.
وتحصل الشيخ قاهر رحمه الله على الدكتوراه في الأدب الأندلسي لجامعة الجزائر عام 1972، ويتم تعيينه أستاذا بكلية الآداب بجامعة الجزائر، ثم أستاذا مكلفا بالمحاضرات، ودرس المقررات: الأدب الجاهلي، الأدب الأموي، الأدب الأندلسي، الأدب المملوكي والعثماني، الأدب المغربي القديم، وأخيرا علم القرآن والحديث إلى اليوم، كما عين مديرا بمعهد العلوم الإسلامية، ثم مديرا للمعهد الوطني العالي لأصول الدين، وفي فيفري عام 2000 تحصل على شهادة دكتوراه الدولة، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه وغيرها.
ورحل الشيخ وهو عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى منذ الثمانينات، وأستاذ مادة علوم القرآن الحديث، وعضو في اللجنة الوطنية للأهلة، ورئاسة لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى منذ عام 1992 إلى غاية رحيله، علما أنه قد ناضل وشارك في الثورة التحريرية، فهو مجاهد عضو في جيش التحرير الوطني، وعضو في جبهة التحرير قبل التحاقه بالجيش.

من مؤلفات الفقيد
وللشيخ العلامة محمد الشريف قاهر رحمه الله، عدة مؤلفات منها ديوان لسان الخطيب، الصيب والجهام، والماضي والكهام (دراسة وتحقيق)، الأنوار في آية النبي المختار في ثلاثة أجزاء للشيخ عبد الرحمن الثعالبي (دراسة وتحقيق)، كما شارك في كتاب "مشاهير المغاربة" ضمن لجنة البحث التابعة لجامعة الجزائر بالإضافة إلى أنه شارك في أكثر من عشرين من ملتقيات الفكر الإسلامي التي نظمتها وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية، كما شارك في الملتقيات الدولية التي عقدها المجلس الإسلامي الأعلى منذ 1998 إلى يومنا هذا، بالإضافة إلى المشاركة الدائمة في المناسبات الدينية والوطنية، كما كان له حضور إعلامي، كحلقات مذاهب السنة في إذاعة القرآن الكريم، وإذاعة القناة الثانية بالأمازيغية.
- حضور متميز في كل الملتقيات داخل الوطن وخارجه، ومشاركة إيجابية بعشرات المقالات في الجرائد والمجلات.

"اللهم اجعلني خيرا مما يظنون"
عُرف الراحل بتواضعه الشديد، مع غزارة علمه الذي جعله محط تقدير كبير، ولذلك سارع عارفوه إلى الإدلاء بشهاداتهم حوله، ومن هؤلاء مؤسسة الشروق الإعلامية التي كانت قد كرّمت فقيد الجزائر رحمه الله منتصف شهر جويلية عام 2014.
وأشار موقع "الشروق أونلاين" إلى أن الشيخ محمّد الشريف قاهر رحمه الله حين تناول الكلمة في الإحتفالية التكريمية، أبدى بكلّ تواضع شكره وثناءه على من تدخّلوا للحديث عنه، داعيا الله عزّ وجل أن أن يجعله "خيرا مما يظنون ولا يؤاخذه بما يقولون وأن يغفر له ما لا يعلمون"، وذلك اقتداء منه بما جاء في الأثر، كمــا تمنّى أن يجد التكريم الأكبر بيد يدي العظيم جلّ جلاله غدا يوم القيامة، مستئنسا بقول بعض العلماء أنّ الله لا يهين من أكرم على كبره، راجيا أن يكون تكريمه أيضا في هذا السبيل.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020