ثورة "نوفمبر المجيد".. وريال مدريد

قبل مدة، أنجز بعض الزملاء بالإذاعة الوطنية بمناسبة اليوم الوطني للهجرة استطلاعا ميدانيا حول مدى اطلاع الناشئة على أحداث السابع عشر من أكتوبر التاريخية، وبينما كان المتوقع أن يقول التلاميذ الذين تم سؤالهم حول الموضوع أن يتحدثوا عن الشهداء الجزائريين الذين ألقى بهم جنود فرنسا من على جسور باريس، أجاب بعض التلاميذ بتلقائية أن الأمر يتعلق بهجرة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، التي كانت حسب أحدهم في يوم 17 أكتوبر، بينما قال تلميذ آخر أن يوم 17 أكتوبر إن كان يمثل شيئا فهو التاريخ الذي حددته وزارة التربية ـ حسبه ـ لإلزامية ارتداء المآزر الزرقاء على التلاميذ الذكور..

هذا الاستطلاع بيّن وجود شرخ حقيقي في عقول الجيل الجديد الذي لا يكاد يعرف عن الثورة وتاريخ بلاده غير نزر قليل، يقل بكثير عما يعرفه هذا الجيل عن ريال مدريد والبطولة الإسبانية لكرة القدم مثلا.. وما قاله التلاميذ المستجوبون عن تاريخ 17 أكتوبر كان سيقوله آخرون عن تاريخ الفاتح نوفمبر، لولا أن صدى ثورة نوفمبر المجيدة قد تجاوز حدود الوطن..

وحتى إن كان كل الجزائريين يعرفون أن الفاتح من نوفمبر هو اليوم الذي اندلعت فيه ثورة الجزائر في وجه المحتل الفرنسي، وهي واحدة من أعظم ثورات العصر الحديث، فإن عددا كبيرا من أبناء جيل اليوم لا يكادون يعرفون عن الثورة أكثر من أنها اندلعت في يوم 1 نوفمبر 1954، والسبب هو أن الجيل السابق اهتم بتغذية أبدان أبناء جيل اليوم ولم يهتم كثيرا بتغذية عقولهم وأرواحهم، حتى بات يوم 14 نوفمبر الذي يمثل موعد المواجهة الحاسمة بين منتخبي مصر والجزائر في تصفيات مونديال العام المقبل يعني لكثيرين يوم اندلاع الثورة الحقيقية، وبات يوم أول نوفمبر مجرد يوم عطلة مدفوعة الأجر!