-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

حمدي قنديل يقصف الإخوان بالثقيل

فتح الكاتب الصحفي المصري الشهير حمدي قنديل النار على جماعة الإخوان المسلمين، متبرئا منها، وواصفا إياها بالجماعة المراوغة الخطيرة، مقدما مجموعة من "الشواهد" التي تكشف، حسبه، صحة موقفه الذي حاول أن يعطيه صفة "الموضوعية"، بعيدا عن كل الحسابات..

صاحب "قلم رصاص" قصف مرسي ومن معه بالثقيل، وقال في مقال حمل عنوان "شهادة لتبرئة الذمة": "هذا يكفي.. هذه الجماعة ليس لها عهد.. هي جماعة مراوغة، مناورة، لا تبتغى سوى صالحها.. الكلام عن صالح مصر مجرد أكاذيب.. هو تغطية لمؤامرة على مصر، نشهد تفاصيلها الآن ساعة بساعة، بخطوطها الممتدة إلى أمريكا الملتبسة مع إسرائيل.. وهي، قبل هذا وذاك، لا تملك شيئاً لتقدمه إلى مصر، لا المال ولا الخبرة ولا الدراية بشؤون الحكم.. هي جماعة خطرة على مصر وخطرة على الثورة بأهدافها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية اليمينية، وبقاؤها في سدة الحكم لعنة سوف تنتهي بكارثة.. هذه شهادتي أبرئ بها ذمتي"..

شهادة لتبرئة الذمة
يقول حمدي قنيل في مقاله المثير: والدى كان أزهرياً، ثم التحق بكلية دار العلوم قبل أن يسلك مهنة التعليم، أما والدتي فلم تكن متحجبة.. أذكر أنها كانت دائما أنيقة وكأنها عارضة أزياء، في حين أن والدها، جدى، كان معمما منذ دخل المدرسة حتي أصبح عضواً في المحكمة العليا الشرعية.. تربيت في بيت يعرف ربنا، يعمر المساجد ويعمّر في الأرض ويعامل الناس بالحسنى..
عندما كنت طالباً بالثانوية في طنطا كان بطلي الأسطوري هو لطفي فطيم.. كان في الثلاثينيات من عمره، وكان جارا لنا، لفت نظرى بزيارات البوليس السياسى المتكررة له، واختفائه لأيام أو شهور بين حين وآخر.. عندما زرته في بيته لأول مرة همس لي بأنه شيوعى وأعطانى محاضرة موجزة، تذكرت منها عبارتين براقتين، العدالة الاجتماعية والمساواة بين البشر.. لما قلت لأبى ما سمعت قال إن ذلك كله في الإسلام، وطلب منى أن أستعد في عصر اليوم التالى ليصطحبنى إلى جمعية الشبان المسلمين.. سألته: الشبان أم الإخوان؟.. أذكر ما قال.. لا، الإخوان شداد شوية..
ربما كان يعني متشددين، أو ميالين للعنف، خاصة أن الأنباء كانت تتواتر عندئذ عن مقتل النقراشى، رئيس الوزراء، واللواء سليم زكى، حكمدار العاصمة، على أيديهم.. كان رائد أسرتي في الشبان المسلمين هو العزيز المرحوم إبراهيم مصطفي الذى دربنى على تنس الطاولة وزادنى علما بالدين.. كان ينظم لنا معسكرات كشفية في صحراء حلوان كل عدة أشهر، ويأخذنا إلى أفلام مختارة في دور السينما بالقـاهرة، أظـن أن أولها كان فيلم ذهب مع الريح..
أثناء دراستي الجامعية بالقاهرة قمت بتمثيل دور كوميدى تافه على مسرح كلية طب قصر العينى، ولعبت الهوكى والتحقت بالحرس الوطنى أثناء عدوان 56 وكتبت للصحافة.. كان أبى في صيف كل عام يحجز لى تذكرة على سطح الباخرة إلى أوروبا ويعطينى 50 جنيهاً إسترلينى ويطلب منى ألّا أعود قبل شهر.. اعتدت السفر مع اثنين من الأصدقاء، زرت معهما معظم بلدان أوروبا، وفي سنة 1955 سافرت إلى سويسرا مع 40 من طلبة وطالبات الجامعات بدعوة من جمعية التسلح الخلقى العالمية وهي جماعة ثبت فيما بعد أنها مشبوهة وأغلق مكتبها في القاهرة.. اكتشفنا زيف ما يلقنونه لنا، وتحققنا، بعد نقاش مطول فيما بيننا، ربما لأول مرة، أن كل قيم الأخلاق موجودة في الإسلام.. كتبت مع ثلاثة من الزملاء، بينهم المرحوم مأمون أبوشوشة، مسرحية عن إسلام عمر بن الخطاب، ترجمها إلى الإنجليزية زميل مسيحي وقمت فيها بدور عمر رضى الله عنه.. لاأزال أذكر اللحظة التي رفعت فيها السيف على شقيقتي فاطمة لما علمت بأنها دخلت الإسلام فضاع الكلام تماماً من ذاكرتي..

نعم.. أخطأت في حق معتقلي الإخوان
 مرت السنوات والتحقت بالتليفزيون.. كنت ولا أزال مؤمنا بزعامة عبد الناصر.. في 1965 اكتشفت مؤامرة الإخوان المسلمين الشهيرة عليه التي أعدم فيها من أعدم، ودخل السجون مئات.. روى لى المشير عامر في بيته بالحلمية التفاصيل، وفي السجن الحربي قمت بإجراء أحاديث مع المعتقلين، أذيع عدد منها في التليفزيون.. راجت في بعض مؤلفات الإخوان بعدئذ أكذوبة أنى كنت أطلب من ضباط السجن أن يبدلوا المعتقلين الذين كنت أستجوبهم بآخرين حتي أحصل على اعترافات صريحة..
 مرت سنوات أخرى، ذهب معها عنفوان الشباب، وفي لحظة حساب مع النفس، أيقنت أني ارتكبت خطأ مهنياً وأخلاقياً باستجواب معتقلين قيدت حريتهم فاعتذرت علنًا وقَبِل الإخوان اعتذارى بامتنان.. كنت قد التقيت عدداً منهم في الثمانينيات والتسعينيات، واقتربت منهم أكثر وأكثر عندما انضممت إلى حركة المعارضة.. أذكر أنى كنت أحضر دائماً مناسبات خروج أقطابهم من السجن مثل د. عبدالمنعم أبوالفتوح ود. جمال حشمت ود. عصام العريان.. وفي برنامج قلم رصاص الذى كنت أقدمه من تليفزيون دبى، حاورت عدداً من زعمائهم، بينهم الأستاذ مهدى عاكف، والدكتور محمد حبيب الذى استضفته في الإمارات، قبل خروجه على الجماعة..
 غادرت دبي في 2009 لأقيم نهائياً في القاهرة، حيث شاركت في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير بعد وصول الدكتور البرادعى في 2010.. وقتها التحق بنا الإخوان الذين انتدبوا لنا الدكتور العريان ربما بسبب قدرته البارعة على المناكفة، والدكتور البلتاجى الذى ميزته ابتسامته البلاستيكية الشهيرة.. أشهد أن الإخوان وقتها جمعوا أكثر من 700 ألف توقيع لمطالب التغيير السبعة وفتحوا مقار نوابهم في المحافظات لمؤتمرات الجمعية.. مع ذلك فقد كانت مشاركتهم دائما بالقطّاعى، يحضرون وقت الحاجة ويختفون عند اللزوم ويتبنون ما يروق لهم من قرارات.. الشرخ الأكبر كان عندما قرروا منفردين خوض انتخابات مجلس الشعب السابقة للثورة، التي كانت الجمعية قد قررت مقاطعتها حتي لا تضفي شرعية زائفة على إرادة الشعب.. في لقاء مع المرشد وفريق من أعضاء مكتب الإرشاد، حاولت مع د. عبد الجليل مصطفي ود. حسن نافعة أن نثنيهم عن المشاركة دون طائل..
 مرة أخرى، خرج الإخوان على الإجماع القومى يوم 25 يناير مكتفين بإيفاد البلتاجى إلى التجمهر أمام دار القضاء العالى، وما إن التحقوا بالثورة عصر يوم 28 حتي ذهبوا للتفاوض سرا مع عمر سليمان، وتوج اتفاقهم مع العسكر باستفتاء 19 مارس الذى شق صفوف الثوار.. في حين كان الكل مشغولاً بدفع الثورة خطوة هنا أو خطوة هناك، كانوا هم يستعدون لاقتناص مجلس الشعب الذى كانوا قد وعدوا بأنهم لن يترشحوا على أكثر من 30 بالمائة من مقاعده، وعندما استولوا عليه بدأوا في ترويج شعار البرلمان لا الميدان، ميدان التحرير.. غابوا بعدئذ عن الميدان في مواجهاته مع حكم العسكر في محمد محمود ومجلس الوزراء وما بعدهما، ثم عادوا يخطبون وده قبيل انتخابات الرئاسة التي كانوا قد أعلنوا أن الجماعة لن تخوضها..
 انتخبت حمدين صباحى في الجولة الأولى وقاطعت الجولة الثانية في الوقت الذى انشغلت فيه كل القوى المدنية بطرح وثيقة عهد على مرسى وشفيق لضمان قيام دولة مدنية إذا ما فاز أحدهما، لكنهما قابلا الوثيقة بالصمت.. في الساعات الأخيرة قبل إعلان النتيجة تصاعدت المخاوف من تفضيل العسكر لـشفيق، فذهبت مع عدد من رموز العمل الوطنى وشباب الثورة البارزين إلى لقاء مرسى في فندق فيرمونت الذى عرف به الاتفاق الذى أبرمناه معه لإقامة دولة ديمقراطية حديثة في حال نجاحه..

"هذه الجماعة ليس لها عهد"
 أعلن مرسى بنفسه وأعلنا معه تفاصيل الاتفاق على الشعب: المواطنة، الحريات، الشفافية، دولة القانون، مشاركة كل القوى وتمثيلها في الرئاسة بنواب من الشباب والنساء والأقباط.. يومها، تحالفنا مع الإخوان المسلمين في الجبهة الوطنية لحماية الثورة..
 ولكن مرسى، الرئيس، نكث بمعظم ما ورد في عهد مرسى المرشح، وانساق وراء الجماعة، وتغافل عن تمكينها من مفاصل الدولة، وسكت على اعتدائها على المتظاهرين في التحرير يوم 12 أكتوبر الماضى، واعتدائها على المعتصمين في الاتحادية في 5 ديسمبر..
 منذ أن شكلت وزارة قنديل على نحو مخالف لبنود إعلان فيرمونت، أحسسنا في الجبهة بالخديعة، وأعلنّا احتجاجنا في مؤتمر بساقية الصاوى.. بدأ الحكم بعد ذلك يتخبط في قراراته، ويفشل في مواجهة الأزمات واحدة بعد أخرى، في حين ظلت الاتصالات مع الرئاسة في معظم الأوقات في اتجاه واحد، حتي وصلنا إلى النهاية المحتمة: تعليق الجبهة، قبل فضائح التأسيسية والدستور والإعلانات الدستورية.. استبقت هذا النهاية الدرامية بنعى الشراكة إلى الرئيس، واعتذرت للناس الذين خدعتهم بوقوفي مع مرسى بعد أن عصرت كل الليمون المتاح..
 ما أريد أن أقوله في النهاية هو أننى واحد من ملايين المسلمين في مصر، شأنى شأنهم، لا أنتظر من الإخوان أو أحد من شركائهم أن يعلمنى دينى السمح الحق الجميل الذى تعلقت به في غدوى ورواحى.. ولا أحد يستطيع أن يزايد علىّ بعد أن خطوت على الدوام الخطوة الأولى تجاه الجماعة ومنحتها ثقتي حتي بعد أن تنكرت مرات للعهود..
 هذا يكفي.. هذه الجماعة ليس لها عهد.. هي جماعة مراوغة، مناورة، لا تبتغى سوى صالحها.. الكلام عن صالح مصر مجرد أكاذيب.. هو تغطية لمؤامرة على مصر، نشهد تفاصيلها الآن ساعة بساعة، بخطوطها الممتدة إلى أمريكا الملتبسة مع إسرائيل.. وهي، قبل هذا وذاك، لا تملك شيئاً لتقدمه إلى مصر، لا المال ولا الخبرة ولا الدراية بشؤون الحكم.. هي جماعة خطرة على مصر وخطرة على الثورة بأهدافها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية اليمينية، وبقاؤها في سدة الحكم لعنة سوف تنتهي بكارثة.. هذه شهادتي أبرئ بها ذمتي..

  1. السّـلامُ عليـكـُـم.. و أسعد الله جمعتك بكُل خير أخي الشيخ..

    و الأستاذ الفاضل حمدي قنديل.. هو من جهابذة الإعلام في مصر.. و ممّن أكنُ لهُم الكثير من الإعجاب و الإحترام كغيري من مُتابعيه و مُحبّيه..

    لكـن و حسبَ هذه التصريحات.. يبدُوا أنّ الحالة المصريّة تهوي أكثر إلى دركات عـدم الإستقرار.. بما يُبقيها دوماً على كفّ عفريت..!
    بسبب هذه التجاذُبات و المُشادّات.. ذات المُعادلات المُتشابكة.. و التي يقراُهـا كُلّ طرف من الزاوية التي يقف منها.. و يُريدُ صياغتها و اللعب بكفّة موازينهـا.. وفق مصالحه و رغباته.. و أطروحاته و وُجهات نظره.. التي تحتمل الصّواب.. كما قد تحتمل الخطأ..

    نسأل الله أن يُخرج مصر من هذه الدوّامة.. نحو برّ الأمان و الإستقرار..

    سأنصرف لتفقُد جديد المُدوّنـة الآن.. دُونَ أن أفوّت و أنسى تقديم الشُكر الجزيل لكُم على العدد الاخير من الأسبُوعيّة ذات المواضيع المنوّعة.. القيّمة و المهمّة.. فجزاكُم الله خير و أحسَن لكُـم..

    تحيـاتـي.

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله
      بالفعل أخي العزيز عماد، ما يحدث في مصر بالغ التعقيد، والقيمة الإعلامية لقنديل لا ريب فيها، وللأسف يبدو أن الإخوان في مصر قد أساؤوا تقدير كثير من الأمور والقضايا، وخيبوا الكثير من الآمال، وقد استغلت المعارضة بشقيها، الوطني والعميل للخارج، الموقف فكثفت هجماتها عليهم.
      نسأل الله أن ينتهي هذا الكابوس في مصر وغير مصر..
      وشكرا على متابعتك واهتمامك وملاحظاتك القيمة دوما..
      وفقك الله لما يحبه ويرضاه..

      حذف

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020