ما هو الوحم يا متعلمين يا بتوع المدارس؟
يحتار كثير من الأزواج المساكين مع زوجاتهن خلال فترة حملهن، وتزداد حيرتهم أكثر في المرحلة التي تسمى بـ"الوحم"، فهذه الحامل تريد "دلاعا" في فصل الشتاء، وثانية لا تحتمل رؤية زوجها في المطبخ أثناء عرض مسلسلها المكسيكي المفضل (أف منها)، وتلك تطلب بيتزا على الساعة الثالثة فجرا، وأخرى تريد شرب قهوة بالملح على الساعة الثالثة من إحدى ليالي الشتاء (…).ويتساءل كثير من الأزواج الحيارى عن سر هذه الطلبات والميول الغريبة وسبب هذا "التدلع" الزائد عن اللزوم لزوجاتهن، ويسألون أصدقاءهم ومعارفهم ممن سبقوهم في "ميزيرية الوحم"، فيُفهمونهم بأنها فترة حرجة، تمر بها كل امرأة حامل، وبأن عليه أن "يساعفها" قدر الإمكان، ولا يغضب منها مهما كانت درجة "هبالها"، فلها وحدها "الحق في الغضب"، وأن عليه أن يدللها ويستجيب لرغباتها مهما كان مستوى غرابتها وغبائها.. إلى غير ذلك من الكلام الذي يجعل الزوج يشعر بأنه قد تحول إلى "امرأة" في حضرة المحروسة زوجته!
وقد أجريتُ عدة عمليات حسابية فكرية، توصلتُ من خلالها إلى أنه يمكن أن يأتي يوم يتخلص فيه العالم من مشكلة الوحم باعتبارها وهما كبيرا، ذلك أن المرأة الحامل توهم نفسها بأنها تستحق أن تعامل كملكة خلال فترة وحمها، لا تُرد طلباتها ولا تُصّد في وجهها الأبواب.. نعم نطالب بمعاملة الزوجة كملكة، دائما، وطيلة أيام العام، وليس في أثناء حملها فقط، ولكن أن "تأمر" هذه "الملكة" بإحضار البطيخ في ليلة شتوية شديدة البرودة، فذلك ما نندد به ونستنكره بشدة، وندعو إلى محاربته بشتى الوسائل!
وحسب فهامتي المتواضعة، فإنه باستطاعة الزوج أن يقضي على هذا الوهم بسهولة كبيرة، من خلال تحويل اهتمام زوجته عن رغباتها خلال فترة "توهمها"، وذلك بأن يخلق لها رغبات جديدة تخدمه ولا تضرها، والطريقة بسيطة للغاية وتتلخص في أن يقوم بحرمانها من بعض أساسيات الحياة حتى تنسى الكماليات، كأن يحرمها من الخبز لثلاثة أيام إذا كانت تتوحم على الكيوي، فبهذه الطريقة سيستيقظ في اليوم الرابع وقد تخلصت زوجته من وهم الوحم نهائيا، حيث تكون قد نسيت وجود شيء في الدنيا اسمه الكيوي، ويصبح الخبز هو كل ما تحلم به!
وما يدعم نظريتي الرائعة هاته أن بعض "المتوهمات" من الأسر الفقيرة تتوحمن على أمور تبدو لـ"متوهمات" الأسر الثرية تافهة ولا تستحق أن يُرغب بها حتى في الأيام العادية، فالحامل الفقيرة تطلب من زوجها خلال فترة "الوهم" كيلوغراما من البطاطا (50 دينار!)، في الوقت الذي تطلب فيه الحامل الثرية "المفششة" عشرين كيلوغراما من الأناناس (كفاكن "دلعا" رجاء)!
وقبل أن تبادر بعض الحوامل إلى شتمي بحجة العنصرية ومعاداة الحركة النسوية، بودي التوضيح بأني لا أقصد الإساءة لهن، ولا دعوة أزوجاهن إلى إساءة معاملتهن، بقدر ما أهدف إلى تخليصهن من وهم الوحم، من أجل حياة أفضل لنا ولهن.
الشيخ بن خليفة/ خربشة ساخرة
نُشرت على أسبوعية "الطبيب" في فيفري 2007