بعد
أن استعان مقاتلو ما يسمى بالمجلس الانتقالي في ليبيا بالصليبيين،
والصهاينة، لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي الذي يشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله ـ دون إنكار مساوئه وخطاياه ـ وبعد أن أبدت بعض قوى المعارضة في بلدان عربية أخرى
استعدادها للاستعانة بجهات خارجية، معروفة بعدائها للإسلام والمسلمين، بهدف
إحداث "التغيير" في الداخل، أثير جدل ديني واسع حول مدى شرعية الاستعانة
بالكفار ضد المسلمين، وقد بحثنا في فتاوى العلماء الأجلاء عن الإجابة،
فوجدنا العديد من الآراء التي ترجح تحريم الاستقواء بالكفار، والأجانب
عموما، على المسلمين، ومن الفتاوى "المنسية" في هذا الباب، تلك التي صدرت
عن شيخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأسبق، الراحل البشير
الإبراهيمي..
الشيخ البشير الإبراهيمي: "موالاة المستعمر خروج عن الإسلام"
يقول الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأسبق، رحمة الله عليه، في فتوى تاريخية:
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا
قلنا: "إنَّ موالاةَ المستعمِر خروجٌ عن الإسلام" فهذا حكمٌ مجمَل،
تفصيلُه أنَّ الموالاة مفاعلةٌ أصلُها الولاء أو الولاية، وتمسّها في
معناها مادة التّولّي، والألفاظُ الثلاثة واردة على لسان الشرع، منوطٌ بها
الحكم الذي حكمنا به وهو الخروجُ عن الإسلام، وهي في الاستعمال الشرعيِّ
جاريةٌ على استعمالها اللّغوي، وهو في جملته ضدُّ العداوة، لأنَّ العربَ
تقول: "وَالَيْتُ أو عاديت، وفلان وليّ أو عدّو، وبنو فلان أولياء أو
أعداء"، وعلى هذا المعنى تدور تصرّفات الكلمة في الاستعمَالَين الشرعيّ
واللغويّ.
وماذا بين الاستعمَار والإسلام من جوامعَ أو فوارق حتى يكونَ ذلك الحكم الذي قلناه صحيحاً أو فاسداً؟
إنَّ
الإسلامَ والاستعمار ضدّان لا يلتقيان في مبدإٍ ولا في غاية، فالإسلام
دينُ الحرية والتحرير، والاستعمار دين العبودية والاستعباد، والإسلام شرع
الرحمةَ والرفق، وأمر بالعدل والإحسان، والاستعمار قوامُه على الشدّة
والقسوة والطغيان، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار، والاستعمار يدعو
إلى الحرب والتقتيل والتدمير والاضطراب، والإسلام يُثبت الأديانَ السماوية
ويحميها، ويقرّ ما فيها من خيرٍ ويحترم أنبياءَها وكتبَها، بل يجعل
الإيمانَ بتلك الكتبِ وأولئك الرّسل قاعدةً من قواعده وأصلاً من أصوله،
والاستعمار يكفُر بكلّ ذلك ويعمَل على هدمه، خصوصاً الإسلام ونبيّه وقرآنه
ومعتنقيه.
نستنتِج
من كلّ ذلك أن الاستعمارَ عدوّ لدودٌ للإسلام وأهلِه، فوجَب في حكم
الإسلام اعتبارُ الاستعمار أعدَى أعدائِه، ووجب على المسلمين أن يطبِّقوا
هذا الحكمَ وهو معاداةُ الاستعمار لا موالاته.
الاستعمارُ
الغربيّ ـ وكلّ استعمارٍ في الوجود غربيّ ـ يزيد على مقاصدِه الجوهريّة
وهي الاستئثار والاستعلاء والاستغلال مقصداً آخرَ أصيلاً وهو محوُ الإسلام
من الكرة الأرضية خوفاً من قوّته الكامنة، وخشيةً منه أن يعيدَ سيرتَه
الأولى كرةً أخرى.
وجميعُ
أعمال الاستعمار ترمي إلى تحقيق هذا المقصد، فاحتضانُه للحركاتِ التبشيرية
وحمايتُه لها وسيلةٌ من وسائل حربِه للإسلام، وتشجيعُه للضالين المضلّين
من المسلمين غايتُه تجريد الإسلام من روحانيته وسلطانه على النفوس، ثم
محوُه بالتدريج، ونشرُه للإلحاد بين المسلمين وسيلةٌ من وسائل محوِ
الإسلام، وحمايتُه للآفات الاجتماعية التي يحرّمها الإسلام ويحاربها كالخمر
والبغاء والقمار ترمي إلى تلك الغاية، ففي الجزائر ـ مثلاً ـ يبيح
الاستعمارُ الفرنسيّ فتحَ المقامِر لتبديد أموال المسلمين، وفتحَ المخامر
لإفساد عقولهم وأبدانهم، وفتحَ المواخير لإفساد مجتمعهم، ولا يبيح فتحَ
مدرسةٍ عربيّة تحيِي لغتَهم أو فتحَ مدرسةٍ دينيّة تحفَظ عليهم دينَهم.
ويأتي
في آخر قائمةِ الأسلحة التي يستعمِلها الاستعمارُ الغربيّ لحرب الإسلام
اتّفاقُه بالإجماع على خلقِ دولةِ إسرائيل في صميمِ الوطَن العربي،
وانتزاعِ قطعةٍ مقدّسة من وطن الإسلام وإعطائها لليهود الذين يدينون بكذِب
المسيح وصلبِه، وبالطعن في أمّه الطاهرة.
فالواجبُ
على المسلمين أن يفهَموا هذا، وأن يعلَموا أنَّ مَن كان عدوًّا لهم فأقلّ
درجاتِ الإنصاف أن يكونوا أعداءً له، وأنَّ موالاتَه بأيّ نوعٍ من أنواع
الولاية هي خروجٌ عن أحكام الإسلام، لأنَّ معنى الموالاةِ له أن تنصرَه على
نفسِك وعلى دينِك وعلى قومِك وعلى وطنِك.
والمعاذِير
التي يعتَذر بها المُوالون للاستعمار كالمداراة وطلبِ المصلحة يجب أن
تدخُل في الموازين الإسلامية، والموازينُ الإسلاميّة دقيقةٌ تزِن كلَّ شيء
من ذلك بقَدرِه وبقَدرِ الضرورة الداعيَة إليه، وأظهرُ ما تكون تلك
الضروراتُ في الأفراد لا في الجماعات ولا في الحكومات.
وموالاةُ
المستعمِر أقبحُ وأشنَع ما تكون من الحكومات، وأقبحُ أنواعِها أن يُحالَف
حيث يجب أن يُخالَف، وأن يُعاهَد حيث يجب أن يُجاهَد، وأقبحُ ما فيها من
القبح أن يُحالَف استعمارٌ على حربِ استعمار.
وقد
كانَتِ الحروب قبلَ اليوم لمعانٍ بعضُها شريف، وقد يكون أحدُ الجانبَين
فيها على حقّ، أما هذه الحروب التي لا تنتهي الواحدةُ منها إلا وهي حاملٌ
مُقْرِب بأخرى أشدَّ منها هولاً وأشنعَ عاقبةً، فلم يبقَ فيها شيء من معاني
الشّرفِ ولا من معاني الرّحمة ولا من معاني الكرامَة الإنسانيّة، وإنما هي
حربٌ مجنونة يبعثُها حبُّ الاستعلاء والتسلّط على الضعفاء، والاستئثار
بخيراتِ أرضهم، والضعفاءُ دائماً هم الأدوات التي تقَع بها الحرب، وتقَع
عليها الحرب، فهم في السِّلم محلُّ النزاع، وفي الحربِ ميدان الصّراع.
لا
مِثال للبلاهةِ والبَلادة أوضح من محالفة الضعيفِ للقويّ إلا إذا صحّ في
الواقع وفي حُكم العقل أن يحالِف الديكُ النسر، أو تحالِفَ الشاة الذئب.
كيفَ
نحالِف الأقوياءَ وقد دلّت التجاربُ أنهم إنما يحالفوننا ليتَّخذوا من
أبنائنا وقوداً للحَرب، ومن أرضِنا ميداناً لها، ومن خيراتِ أرضنا أزواداً
للقائمين بها، ثم تنتهي الحربُ ونحن المغلوبون الخاسرون على كلّ حال، وقد
تكرّرت النذُر فهل من مُدَّكِر؟!
أيّها المسلمون أفراداً وهيئات وحكومات:
لا توالُوا الاستعمارَ فإنَّ موالاتَه عداوةٌ لله وخروجٌ عن دينه.
ولا تتولّوه في سِلم ولا حَرب فإنَّ مصلحتَه في السِّلم قبل مصالحكم، وغنيمَته في الحرب هي أوطانُكم.
ولا تعاهِدوه فإنّه لا عهدَ له.
ولا تأمَنوه فإنّه لا أمانَ له ولا إيمان.
إنَّ الاستعمارَ يلفِظ أنفاسَه الأخيرة فلا يكتُبْ عليكم التاريخُ أنّكم زِدتم في عمره يوماً بموالاتكم له.
ولا تحالِفوه فإنَّ من طَبعِه الحيوانيّ أن يأكلَ حليفَه قبلَ عدوِّه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
———————————————
الأزهر يحرّم الاستعانة بالناتو لإسقاط الأنظمة
قدّم
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والمثقفون، وثيقة تأييدية لإرادة الشعوب
العربية، في التجديد والإصلاح والتطوير وحق الشعوب في تغيير مجتمعاتها إلى
الأفضل بعيدا عن النزاعات الطائفية والعرقية ووفقا للمبادئ الدستورية
والشريعة الإسلامية، وحرّم في المقابل الاستعانة بالخارج لإسقاط الأنظمة.
ولفت
إلى أن الحركات الوطنية السِّلميّة المعارضة، هي من صميم حقوق الإنسان في
الإسلام التي أكّدتها سائر المواثيق الدّوليّة، بل هي واجب المواطنين
لإصلاح مجتمعهم وتقويم حُكّامهم، والاستجابة لها واجبٌ على الحكّام وأهل
السُّلطة، دونَ مُراوغةٍ أو عنادٍ.
ودعا
الطيب "قوى الثورة والتجديد" أن تتّحدَ في سبيل تحقيق حُلمِها في العدل
والحريّة، وأن تتفادى النزاعات الطائفية أو العرقية أو المذهبية أو
الدينية، حِفاظًا على نسيجها الوطني، وحذرهم من الاستعانة بقوة خارجية،
وأكد أنه يَتعيَّنُ على قوى الثورة والتّجديد والإصلاح أن تبتعد كليًا عن
كل ما يؤدى إلى إراقة الدماء، وعن الاستقواء بالقوى الخارجية أيًا كان
مصدرها، ومهما كانت الذرائع، وإلا كانوا بغاة خارجين على أمتهم وعلى شرعية
دولهم. ووجب على السلطة حينئذ أن تردهم إلى وحدة الصف الوطني الذي هو أول
الفرائض وأوجب الواجبات.
وحذر
الأزهر ما يوةصف بالقوى الثورية من الاستعانة بقوة خارجية، وأكد أنه
يَتعيَّنُ على قوى الثورة والتّجديد والإصلاح أن تبتعد كليًا عن كل ما يؤدى
إلى إراقة الدماء، وعن الاستقواء بالقوى الخارجية أيًا كان مصدرُها، ومهما
كانت الذرائع، وإلا كانوا بغاة خارجين على أمتهم وعلى شرعية دولهم. ووجب
على السلطة حينئذ أن تردهم إلى وحدة الصف الوطني الذي هو أول الفرائض وأوجب
الواجبات.
————————————————————–
الاستعانة بالكافرين ضد المسلمين سبب البلاء في الدنيا والدين
يقول
الكاتب أحمد بوادي أنه حيث أن البعض حاول التدليس على جواز استعانة المسلم
بالكافر وحاول التلبيس على المسلمين بنقله الأحاديث الذي يظهر منها ذلك
ولكن عند النظر إلى هذه الأحاديث يظهر جليا أن المراد بتلك الأحاديث إنما
هي استعانة المسلم بالكافر ضد الكافر وليس ضد المسلم وبشروط ذكرها أهل
العلم.
وعند
النظر في الأحوال والقرائن التي مرت على أمة الإسلام وتلك الأمور الشبيهة
لها من تاريخ الأمة الإسلامية يتضح بجلاء ما وقعت فيه هذه الأمة في هذا
العصر من ذل وهوان بسبب إغفالها تلك الحقائق التي كان ينبغي على العقلاء أن
يفهمها ويتخذها دروسا وعبرا كي لا يقع بفخ المتآمرين والمغفلين على هذا
الدين والذين صوروا للمسلمين أنهم المخلصين وأصحاب العقول الثاقبة والأفهام
السليمة وأصحاب فهم الواقع والعلم الصحيح بالسياسة الشرعية ولنطل على
الماضي لنتعرف به على حقيقة الواقع المر الذي نعيشه الآن.
((فقد
لا يبالي البعض من حاكم أو محكوم في سبيل الخلاص بنفسه والنجاة في دنياه
دون آخرته أن يكون سببا في هلاك أمة أو ضياع دين أو سفك دماء واغتصاب نساء
واعتداء على حرمات ومقدسات، ومن جراء ذلك أن يكون الأمر عظيم كيف لا وفيه
هلاك لدين الإسلام والمسلمين وضياع كلياته الخمس التي حفظها إسلامنا
العظيم.
وكما
ضاعت العراق بالأمس بسبب التخاذل والاستنصار بالكافرين، تضيع اليوم مرة
أخرى، وكما ضاعت الأندلس لما قام بعض أمرائها بالاستعانة بدولة النصارى
التي أقيمت في بعض أنحاء الأندلس فدمرت دولة المسلمين هناك دويلة دويلة
فكانت الآن إسبانيا.
ونظرة
سريعة إلى التاريخ الإسلامي في عهد الدولة العباسية نتيجة استنصار
المسلمين على بعضهم بأعداء الدين كما ذكر الخضري في محاضراته عن الدولة
العباسية:
فقد أرسل خلفاء الدولة العباسية إلى بني بويه ليخلصوهم من استبداد الأتراك البغداديين وتحكمهم فيهم..
وأرسلوا إلى طغربلك شاه السلجوقي ليخلصهم من تحكم البساسيري..
وأرسلوا
إلى خوارزمشاه ليخلصهم من السلاجقة، وكان من نتيجة ذلك الاستبداد والتفرق
وضياع شمل المسلمين وطغيان عدوهم عليهم من أجل الحفاظ على دنياهم، ولكن
الأمر أعظم عندما كان من هؤلاء من استعان بالمغول المشركين من أجل تخليص
ملكهم، فقد قام الناصر لدين الله بطلب العون من جنكيز خان يحرضه على الخروج
إلى خوارزمشاه لما خالف الناصر لدين الله، وطلب من جنكيز خان التعرض
لمملكته من أجل أن تنكسر شوكة خوارزمشاه ويشتغل عنه بنفسه، وظن الناصر لدين
الله أن جنكيزخان لن يصل إليه لبعد المسافة بينهما ولحميم الصداقة ولم يكن
ليظن أن يصل الضعف به ما يجعله يجفل أمام جنكيز خان كالحمامة تجفل من
صقرها، وكانت هذه المقدمة سبيلا إلى جنكيز خان ليجد طريقه إلى بلاد الإسلام
والمسلمين وبمعاونة الرافضة أعداء الدين، ومن ثم القضاء على الخلافة
الإسلامية آنذاك وتدمير عاصمة الإسلام بغداد وقيل أنه قتل أكثر من مليون
شخص خلال أربعين يوما، وكان هذا سببا لجنكيزخان من أجل أن يجتاح بلاد
المسلمين ولكن لم يكن كافيا لوحده بل فتح الباب على المسلمين بذلك الطلب
وفتح باب الحرب على خوارزم شاه ومن ثم اجتياح بلاد المسلمين.
ولا
ننسى سقوط الأندلس ودور المأمون وتحالفه مع فرناندو الثالث ملك قشتاله حتى
قدم المأمون عددا من الحصون والبلاد الأندلسية ثمنا للنصارى ليساندوه ضد
أخيه حفاظا على عرشه وكرسيه.
ومن
صور الغدر والخيانة ممن استعان بالنصارى: وقوف ابن الأحمر بقواته مع
النصارى في سقوط اشبيلية تنفيذا لتعهداته معهم ضد المسلمين ليمكن لنفسه من
السيطره على غرناطة حتى سقطت اشبيلية ولم يبق من معالم الإسلام فيها شيئا
يذكر.
ومن
الجدير بالذكر أن نذكر هنا موقفا تاريخيا للمعتمد بن عباد عندما أراد
محاربة ألفنسو السادس وأراد أن يستعين بيوسف بن تاشفين رحمه الله فنصحه
مستشاروه أن لا يفعل ذلك خوفا أن يملك يوسف بن تاشفين الأندلس على أن
يستعين ببعض النصارى بدلا منه، فأجابهم بمقولته المشهورة:
"رعي الجمال خير من رعي الخنازير"، بمعنى "لأن أكون تحت حكم مسلم خير لي من أن أكون تحت حكم نصراني كافر".. فلله درّه..