-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

"القاعدة" على ضلال وقادتها جُهّال


أخطر كتاب على تنظيم "القاعدة"

"القاعدة" على ضلال، والعمليات التي تقوم بها أو تتبناها غير مشروعها، وقادتها جهلاء وحمقى، وهم في الإجمال ضالون مضّلون.. هذه هي الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها من يقرأ بنوع من التمعن المراجعات الفكرية التي قام بها فقيه "الجهاديين" ومُنظّرهم الأول سيّد إمام الشريف المعروف باسم الدكتور فضل في كتابه الحديث جدا "ترشيد الجهاد في مصر والعالم".
الأمير السابق لجماعة الجهاد في مصر ومُنظّرها الشرعي سيّد إمام، وإن لم يذكر ما يُعرف بـ"القاعدة" وقادتها بالاسم، فإنه شنّ عليها وعليهم هجوما عنيفا، ووجّه إشارات قوية تقطع الشك باليقين وتؤكد أن من أهم أهداف مراجعاته "دك فكر القاعدة"، وإبراز المغالطات الكثيرة التي يروج لها أنصار بن لادن والظواهري وغيرهما ممن يزعمون تبني الفكر الجهادي، الذين يسميهم إمام بـ"مجاهدي الأنترنت"، و"المحتمين بالقبائل والاستخبارات"، الذين لا تهمهم سوى مصلحتهم الشخصية.

أخطر كتاب على "القاعدة"
وصفت جريدة الجريدة الكويتية، التي نشرت مراجعات سيد إمام كاملا، وثيقة منظّر "القاعدة" وفقيه "الجهاديين" التي اختار أن يعنونها بـ"ترشيد الجهاد في مصر والعالم"، بأنها أخطر كتاب على القاعدة، وليس في وصفها هذا مبالغة، فالكتاب يعد ثورة حقيقية في "الفكر الجهادي" بالنظر إلى دعوته المباشرة للتخلي عن أساليب العنف وتحريمه الصريح للخروج عن الحاكم المسلم تحت أي مبرر، ولم يكتف إمام بذلك فشنّ هجوما عنيفا على ما يُعرف بـ"القاعدة"، التي وصف أعضاءها، من غير أن يسميهم أو يسميهم، بـ"الحمقى الذين دمّروا إمارة إسلامية كانت قائمة ومن وراء ظهر أميرها"، في إشارة إلى "استغفال" حركة طالبان في أفغانستان التي لم تكن على علم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر التي تبنتها "القاعدة" وكانت سببا في سقوط نظام طالبان واحتلال أفغانستان، ومن المفارقة أن نشر حديث إمام عن هذا الموضوع تزامن مع اعتراف زعيم "القاعدة" أسامة بن لادن للمرة الأولى في أحدث تسجيل صوتي له بأن حركة طالبان لم تكن على علم بهجمات سبتمبر التي كانت السبب الرئيس للحرب على أفغانستان، ومن ثم احتلالها بقيادة الولايات المتحدة، وقال بن لادن في التسجيل: "الحقيقة كما ذكرت سابقا أن أحداث مانهاتن كانت ردا على قتل التحالف الأمريكي الإسرائيلي لأهلنا في فلسطين ولبنان؛ فإنني أنا المسئول عنها، وأؤكد أن جميع الأفغان حكومة وشعبا لا علم لهم البتة بتلك الأحداث".
ووجّه سيد إمام الشريف تهمة خطيرة لبعض الجماعات الإسلامية التي قال أن ما تقوم به "عصيان للشريعة"، معتبرا ذلك "أحد أسباب خذلان الله" لها ولمنتسبيها، الذين ذكر أن كثيرين منهم يتبعون هواهم ويرتكبون مناكر كثيرة.

العصيان سبب الخذلان
تضمنت مراجعات سيّد إمام هجوما غير مسبوق على بعض الجماعات الإسلامية الداعية لتطبيق الشريعة الإسلامية، دون أن يحددها صراحة، حيث قال: "ولقد رأيت في زماننا المعاصر بعض من ينادي بالحكم بالشريعة الإسلامية ويرفع راية الجهاد من أجل ذلك ولا يطبق الشريعة في خاصة نفسه ولا في جماعته الإسلامية إذا جاءت خلاف هواه".
ومضى مضيفا: "وكنت أقول: إذا كان هؤلاء المطالبون بتطبيق الشريعة لا يطبقونها على أنفسهم وهم مستضعفون فكيف سيفعلون إذا تمكنوا وحكموا البلاد؟". وانتهى "إمام" إلى أن "هذا أحد أسباب خذلان الله لبعض الجماعات الإسلامية، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي، وأصبحت المرجعية العليا لديهم للرأي والهوى لا للشرع، ولو شئت أن أقول منهم فلان وفلان لقلت".
وبدأ سيّد إمام كتابه بمقدمة أشار فيها إلى السبب الذي دعاه إلى مراجعة أفكار تنظيم «الجهاد»، وهو انتشار المخالفات الشرعية في ممارسات الجماعات الإسلامية أثناء صداماتها المتكررة مع السلطات، إذ استندوا إلى مبدأ التترس المعروف فقهيا؛ لسفك الدماء وإتلاف الأموال، حتى وصلوا إلى قتل الناس على الجنسية وعلى المذهب وبسبب ألوان شعرهم، ثم شرع في تفصيل مراجعاته بمبحث نظري عن شرط الإسلام كضابط يجب أن يحكم حركة وعمل المجاهدين، بعيدا عن شعار «الغاية تبرر الوسيلة» الذي يمكن أن يعتمده بعض الثوريين غير الإسلاميين.
وانتقل إمام، بعد ذلك، إلى أهمية العلم بالشرع الحنيف كشرط لأعضاء الجماعات التي تعتبر نفسها جهادية، مهاجماً أولئك الذين يعودون إلى كتب السلف لتنزيل الأحكام الواردة بها من دون أن يكونوا مؤهلين علمياً لذلك. ويحذر من شيوع ما يسميه «فقه التبرير» وهو البحث عن دليل يؤيد ما تم ارتكابه بالفعل من حماقات. وبعد أن أوضح شرط العلم الشرعي كضابط للجهاد انتقل إلى شرط أكثر خطورة هو القدرة، لينتهي بعد شرح أسانيده الشرعية إلى أن الجهاد ليس واجباً على الجماعات الإسلامية في الوقت الحالي لأنها إما عاجزة أو مستضعفة.

الصدام مع السلطات غير جائز
هاجم صاحب "ترشيد الجهاد في مصر والعالم" الجهاديين الذين يزعمون محاولة تغيير الواقع دون امتلاك أدوات تحقيق هذا الهدف، فيشير إلى أن «مغروراً» -دون أن يسميه- صار في بضع سنين مفتياً لإخوانه وخبيراً عسكرياً يقودهم إلى المهالك، ووصل الدكتور فضل إلى أهم نتيجة كانت "القاعدة" تتوقعها وتخشاها في الوقت نفسه، وهي أنه لا يجوز الصدام مع السلطات الحاكمة في البلدان الإسلامية من أجل تطبيق الشريعة وأنه لا يجوز تغيير المنكرات باليد إلا لذي سلطان مثل الأب في بيته، بل قال أنه حتى السلطان الكافر لا يجب الخروج عليه عند العجز أو غلبة المفاسد، ولم يكتف بهذه الفتوى على أهميتها، فأكد رفضه «فتوى الاستحلال» التي استخدمها تنظيم «الجهاد» في سرقة بعض متاجر الذهب في مصر ثم استندت إليها «القاعدة» في العراق حتى وصل حجم الأموال التي تم الاستيلاء عليها حسب بعض الإحصاءات إلى مليار ونصف مليار دولار.، مؤكدا أن الاستيلاء على الأموال بداعي استخدامها في تمويل الجهاد حرام شرعا وأن العمليات المموّلة بهذه الأموال باطلة.
وتوصل الدكتور فضل إلى أنه عدم جواز دفع المسلمين إلى مواجهة غير متكافئة "لأن الحفاظ عليهم وعدم تعريضهم للمهالك هو الواجب الأهم طالما غلب على الظن أن المواجهة لن تؤدي إلى إظهار الدين"، مذكّرا بأهمية الحكم الشرعي الشهير والوارد صراحة في القرآن بنص قطعي الدلالة وهو جواز الانسحاب من المعارك في حال تغيير خطط المواجهة، ومقدما شرط آخر للجهاد الصحيح وهو موافقة الدائن وإذن الوالدين وهو ما يعيد إلى الواجهة قضية عشرات الشباب الذين تركوا عائلاتهم، دون استئذان أولياء أمورهم، والتحقوا بما يسمى بـ"القاعدة".
وفي مبحث آخر من هذا الكتاب المهم، لم يتردد فقيه "الجهاديين" في وصف بعض"الجهاديين" بـ"المرتزقة"، ناهيا عن التعرض للسياح والأجانب، مقدما ستة أسباب شرعية لتحريم الاعتداء عليهم، موضحا أن السياحة مشروعة رغم منكرات بعض السياح، ليصل إلى أن الاعتداء على الأجانب في بلادهم غير جائز، وقد خصّص لذلك جزءا غير يسير من الوثيقة التي يخلص قارئها إلى أن هجمات 11 سبتمبر 2001.. حرام، حيث وصف المؤلف الهجوم على الأجانب في بلادهم بأنه «غدر» يدخل أصحابه في زمرة الفاسقين، مشدداً على أن تأشيرة الدخول التي يحصل عليها المسافر إلى البلاد الأجنبية هي «عقد أمان» لا يجوز نقضه، حتى لو دخل بتأشيرة مزورة، مبديا دهشته من ممارسات بعض الإسلاميين في الغرب الذين يرتكبون جرائم مختلفة تحت دعوى أنهم في بلاد كفار، مؤكداً أنه لا يجوز الإفساد أو التخريب في أي دولة انتقاماً من سياستها المعادية للدول الإسلامية.

الظواهري جاهل.. وجبان
شن سيّد إمام هجوما عنيفا جدا على الرجل الثاني في "القاعدة" أيمن الظواهري دون أن يسميه، عندما قال أن ما وصفهم بـ"أبطال الأنترنت" يلقون أتباعهم إلى المحرقة ثم يهربون حتى عن نسائهم، فمن المعروف أن الظواهري هو الوحيد من بين قادة «القاعدة» الذي فقد أسرته في القصف الأمريكي على أفغانستان، بينما تمكن هو من الفرار بصحبة "زعيمه" أسامة بن لادن، ووصف سيد إمام تلميذه الظواهري ضمنيا بالجاهل الجبان: " هؤلاء الجهلة الجبناء يُشعلون الحرائق ثم يهربون ويتركون غيرهم يحترق بها"، مؤكدا أن مكان القادة ليس في المغارات تحت حماية القبائل وأجهزة الاستخبارات، وموجها سبع نصائح لأتباع الجماعات الإسلامية، الذين دعاهم إلى التعامل مع قادتهم وفق فكرة مفادها "إذا كنت إمامي فكن أمامي".
وتحدث صاحب المراجعات عن أبطال الأنترنت والميكروفونات الذين يعملون بأموال أجهزة استخبارات، ملمحاً إلى أنه يعلم تفاصيل وقائع محددة، ثم انتقل إلى بحث آخر يتعلق بالمدنيين في بلاد المسلمين الذين يمثلون هدفاً سهلاً أمام أعضاء التنظيمات الجهادية، الأمر الذي يشجعهم على الاعتداء عليهم، معتبرا أن الشرع يعتبر هؤلاء المواطنين في بلاد الإسلام إما من مستوري الحال أو مجهولي الحال، وفي الحالتين لا يجوز قتلهم على الإطلاق.
وأكد سيد إمام الذي دعا إلى منح الكافر حق التوبة أن عرض صور عن عمليات الاعتداء التي تتم عبر العالم يُصنف في خانة "التفاخر بالمعاصي"، مقدما ستة ضوابط شرعية لإصدار حكم التكفير على أي شخص.
وبعد أن استكمل نصائحه للإسلاميين، وجّه الدكتور فضل سبع نصائح لولاة أمور المسلمين الذين دعاهم إلى تحكيم الشريعة الإسلامية ومحاصرة الفساد وتشجيع الدعاة وزيادة مساحة الدين في المناهج الدراسية، و التخلص من البطالة، معتبرا هذه الأمور مفاتيح حل الأزمة وإنهاء الصدام، و"ناصحا" الحكام العرب بالانصراف عن أفكار القومية، وقال أن الوحدة العربية ضرب من الأوهام، "لأنها لم تقم من قبل أبدًا، والتاريخ شاهد، والعادة مُحكّمة، وبالتالي فإنها لن تقوم، وعندما اجتمع العرب من قبل لم تكن تلك وحدة عربية ولا دولة عربية كبرى، وإنما اجتمعوا في دولة الخلافة الإسلامية هم والترك والعجم والكرد والبربر وغيرهم"، مستشهدا بما قاله العلامة أبو عبد الرحمن بن خلدون في «مقدمته» من أن «العرب شعب لا يجمعهم إلا دين».
وفي ختام مراجعاته، كشف سيد إمام أنه كتب كل هذه الوثيقة "من الذاكرة بحسب ما تيسر وذلك لعدم وجود مراجع شرعية وقت كتابتها نظرًا لظروف السجن"، وأنه أنهاها يوم الخميس 18من صفر 1428هـ الموافق 8 مارس2007، جازما أن الهدف منها هو ترشيد العمل الجهادي الذي شابته تجاوزات خطيرة في السنوات الأخيرة.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020