أعلنت الجزائر وفاة رئيسها هواري بومدين يوم الأربعاء 27 ديسمبر 1978 على
الساعة الثالثة وثلاثين دقيقة فجراً.. وحين دقت ساعة توديع الزعيم، ظهر أصغر وزير
خارجية في تاريخ الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، في الواجهة وهو يلقي الكلمة
التأبينية التي كانت آخر ما تلي على بومدين قبل أن يصبح تحت التراب في عالمه
البرزخي..
وفي "خطاب الوداع" ـ الذي تؤكد بعض المصادر أن وزير التربية
الأسبق علي بن محمد هو من كتب نصه ـ بدا بوتفليقة متأثرا جدا لفراق رفيقه ورئيسه
ورئيس كل الجزائريين، ولكنه ظل متماسكا حتى النهاية..
وهذا هو النص الكامل للكلمة التأبينية:
أيها الأخ الرئيس.. أيها الشقيق الحبيب.. يا
ابن الشعب المفدى.. بأرواحنا نفديك لو كان يقبل منا الفداء وها أنت تفارقنا على
عجل ونحن مازلنا في أشد الحاجة إليك.. وشعبنا مازال في أشد الحاجة إليك.. إلى روحك
المتوطدة بعزم الشباب وحكمة المحنكين.. إلى قلبك الكبير.. إلى قلبك السموح.. إلى
رأيك السديد.. إلى بصرك المديد.. أيها الراحل العظيم..
إذا كان شعبنا قد رزئ فيك إلى ما يمكن أن
يعبر عنه لسان فإن الأمة العربية لباكية ولمتفجعة عليك، وقد فقدت فيك ابنها البار
وقائدا من قادتها المخلصين وصوتا مدويا في المحافل كلها بمبادئها الراسخة وكرامتها
الشامخة وحقوقها الثابتة..
إنها لتبكيك بالأنات والحسرات يا زعيم
صمودها وتصديها.. لقد كنت صدى الأوراس في حيفا والجليل وكنت غضبة جرجرة والونشريس
في سيناء والجولان..
إن أصوات الباكين عليك يا ملاذ المضطهدين
لترتفع اليوم في أقصى المشارق والمغارب، إن ملايين المعذبين من بني الإنسانية قد
فقدت بفقدك محاميها الصلب عن قضاياها والمناضل الشهم عن مطالبها..
كيف تغيب عن الأذهان لحظة واحدة وكل ما في
البلاد ينطق باسمك يا بومدين ؟...
كيف تغيب عن الأذهان لحظة واحدة وكل ما في
البلاد يرمز إليك؟... كيف تغيب عن الأذهان لحظة واحدة وكل ما في البلاد من أقصاها
إلى لأقصاها ثمرة يانعة مما غرسته يداك؟..
أيها الراحل العزيز لا نريد اليوم أن نرثيك
لأن الرثاء للأموات وأنت ما زلت بيننا وستبقى بذكراك وآثارك ومآثرك إلى الأبد على
قيد الحياة..
وأنت حي في قلوب الجماهير أنت باق في نفوس
الملايين أنت خالد في فصول تاريخنا المجيد.. فوداعا يا هواري بومدين الوداع يا
بومدين..
يمكن متابعة "خطاب وداع بوتفليقة لبومدين" بالصوت والصورة
على الرابط الآتي:
مواضيع ذات صلة
هل
وضع صدام السم في طعام بومدين؟
ماذا
قال بومدين لسفير أمريكا في لحظة غضب؟
هواري
بومدين بعيون فلسطينية