-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

عندما يغرّد شهداء ثورة نوفمبر عبر "تويتر"!


الشيخ بن خليفة
من قال أن الشهداء ماتوا؟.. ومن قال أنهم لا يغرّدون على "تويتر" وعلى غير "تويتر"؟.. إنهم "أحياء عند ربهم يُرزقون".. رحلت أجسادهم لكنهم مازالوا بيننا بروحهم وفكرهم.. مازال أثرهم باق، وسيبقى ما بقيت الأرض وما بقي الإنسان.. وبعد ستين عاما من اندلاع ثورة التحرير العظيمة يواصل شهداؤنا "التغريد" بمآثر جهادهم في الجزائر، وبأقوالهم وما قيل فيهم.. عبر "تويتر"..
تقول طرفة متداولة في أوساط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أن جزائريا سأل خطيبته: "هل عندك تويتر؟" ـ يقصد إن كانت تملك حسابا على موقع تويتر، فردت عليه: "توتر؟!.. أحيانا أصاب بالتوتر، لكني على العموم إنسانة هادئة!".. ومن يومها تحول صاحبنا إلى ممارسة هواية تربية النمل بأنواعه في أدغال القارة الإفريقية..
هذه الطرفة ترسم صورة عن مدى جهل كثير من الجزائريين لموقع تويتر، رغم أن عدد مستخدميه في العالم تجاوز ربع مليار شخص يشاركون بأكثر من 500 مليون تغريدة يوميا..

ثورة نوفمبر.. والثورة التكنولوجية
لن نذيع سرا إن قلنا أن موقع تويتر يعد أحد أقل المواقع شعبية في الجزائر، فملايين الجزائريين يستخدمون موقع الفايسبوك لكنهم لا يعرفون شيئا تقريبا عن "تويتر" الذي يبدو غير مرّحب به في الجزائر، وهو أمر له أسبابه لعل أبرزها أنه موقع بخصائص "أقل اجتماعية"، قياسا إلى نظيره ومنافسه الفايسبوك، وكذا اشتراط كتابة ما لا يزيد عن 140 حرفا ـ مع احتساب كل مسافة أو فاصلة أو نقطة أو علامة تعجب أو استفهام ـ في التغريدة التويترية الواحدة، وهو عدد قليل جدا لمن ألفوا "ثرثرة الفايسبوك" بعد ثرثرة المقاهي والشوارع والصالونات..
وفي ظل الثورة التكنولوجية التي تعيشها الجزائر، خصوصا بعد بدء خدمة الجيل الثالث للهاتف النقال، والجيل الرابع للهاتف الثابت، ورفع قيمة تدفق الأنترنت وسهولة الوصول إلى مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو أن عددا غير قليل من الجزائريين بدأوا "يكتشفون" موقع تويتر ويتفاعلون فيه ومعه، ويتعلمون منه.. فهل يمكنهم استغلال الثورة التكنولوجية للترويج لقيّم ثورة نوفمبر؟
قبل أيام نقل وزير المجاهدين الطيب زيتوني عن رئيس الجمهورية رؤيته للصحافة كأداة أساسية لتبليغ رسالة نوفمبر للأجيال الصاعدة.. ولا شك في أهمية دور الصحافة، ولا جدال في واجب الإعلاميين "الرسالي" الذي يفرض عليهم أن يكونوا همزة وصل بين المواطن والسلطات، وفي الوقت نفسه همزة وصل بين الأجيال وناقلين لقيّم شهداء ومجاهدي ثورة الجزائر.. غير أن رسالة شهداء ثورة نوفمبر أكبر من أن يحملها الإعلام وحده..
وبعد ستين عاما من اندلاع ثورة نوفمبر، أعظم ثورات القرن العشرين، تبدو مختلف مواقع التواصل الاجتماعي من أقوى أدوات التواصل بين الأجيال، ومن أبرز الوسائل التي يمكنها نقل رسالة الثورة لأجيال الاستقلال، وكذا للمهتمين في الخارج وللرأي العام العالمي الذي يتأثر كثيرا بالمضامين المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها موقع تويتر الذي يمكنه أن يحمل رسالة الثورة الجزائرية العظيمة، ليس لشباب الجزائر فقط، بل أيضا لكل مستخدمي الموقع في العالم..

الرسالة.. والطريق
بعد ستين عاما من اندلاع ثورة الجزائر التي صنعت ربيع استقلالها، بدأ شهداء نوفمبر "يغرّدون" على موقع تويتر، سواء من خلال جزائريين معجبين بهم يفتحون حسابات على الموقع بأسمائهم، أو من خلال تغريدات تشير إلى نضالهم وتمجد بطولاتهم وتعيد صياغة التاريخ بتغريدات ليست كالتغريدات..
ويكفي لمطالعة "تغريدات الشهداء" التي تحمل كلاما قالوه، أو قيل عنهم، أن تدخل الموقع المذكور وتكتب في خانة "البحث" اسم أحد أبطال الجزائر وقد يفاجئك العدد الكبير من "التغريدات الثورية" التي تمجّد أبطال ثورة نوفمبر..
وقد عادت الثورة الجزائرية العظيمة لتشق طريقها بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ومنها موقع تويتر في الأسابيع الأخيرة، فعلى مقربة من الذكرى الستين لاندلاعها، وبالتزامن مع العدوان الصهيوني الذي تعرضت له غزة مؤخرا، باتت ثورة نوفمبر محل إكبار وتبجيل من أحرار العالم الذين استشهدوا بها لتأكيد نصر غزة على الصهاينة، فتداول كثيرون تغريدات قالوا فيها أن الجزائر انتصرت على الاستعمار الفرنسي بعد أن دفعت مليونا ونصف مليون شهيد.. وغزة انتصرت على العدوان الصهيوني بدماء الشهداء أيضا..
وها هو العربي بن مهيدي أسطورة الثورة الجزائرية العظيمة يردد عبر "تويتر": "ارموا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب".
وها هم أولئك الحاملون لرسالة بن مهيدي يُواسون أبناء غزة في استشهاد عدد من قادتهم "مغرّدين": "استشهد المجاهد العربي بن مهيدي ولكن الجزائر استقلت.. فاستشهاد القادة دليل النصر القريب"..
وها هو السفاح بيجار، أحد قتلة العربي بن مهيدي يعترف: "لو أن لي ثلة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم"..
وها هم شباب الجزائر المستقلة "يُغرّدون" بعد ستين عاما من اندلاع أعظم ثورات القرن العشرين: "بن بولعيد والعربي بن مهيدي وكل الشهداء قالوا نموت لتحيا الجزائر"..
تُرى ماذا قدّمنا نحن للجزائر؟..
إن عجزنا عن تقديم الكثير، فعلى الأقل يمكننا أن ننقل للعالم رسالة الثورة.. ثورة الجزائر العظيمة التي لقنت الجزائريين حب بلادهم، ورسمت للمقهورين في العالم الطريق.. طريق النصر..
إن نقل رسالة الثورة، عبر كل الوسائل الممكنة، لأجيال الاستقلال، وتعريف الرأي العام العالمي بمآثرها وبطولاتهم، بمثابة "عربون وفاء وعرفان" للشهداء الأبرار من أبناء الجزائر الأحرار..

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020