-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

هذه أسرار "مسرحية شارلي إيبدو"



في مقال متميز جدا، نشرته صحيفة الشروق اليومي في عدد الإثنين 12 جانفي، ألقى الكاتب الصحفي حبيب راشدين الضوء على العديد من نقاط الظل في "مسرحية شارلي إيبدو"، مقدما ما يمكن وصفه بالأسرار التي تفضح أكاذيب باريس، وتؤكد أن فرنسا لا تحسن حتى إخراج الأفلام الكارتونية الساذجة، وأنها تحاول التستر على الإرهاب الاستخباراتي الممارس على أرضها.
وجاء في المقال الذي يحمل عنوان "فيلم كارتوني ساذج لإرهاب استخباراتي ملثم" ما يأتي:
لست متأكدا أن مشاركة قرابة 40 رئيس دولة وحكومة غربية وعربية في مسيرة باريس يوم الأحد 11 جانفي 2015، تحت عنوان خادع "أنا شارلي" سوف تكون كافية للتستر على الفضائح التي واكبت العملية تحت "راية جهادية كاذبة" ضد المجلة الساخرة، أو تسمح بصرف النظر عن الآبار السود في الرواية الفرنسية الرسمية، التي حاولت محاكاة رواية إدارة بوش لخدعة أحداث 11 سبتمبر.

فضائح..
الفضائح التي واكبت العملية لن يسلم منها لا المؤسسات الأمنية الفرنسية، ولا الحكومة، ولا مكونات المشهد السياسي الفرنسي، ولا وسائل الإعلام الفرنسية التي اشتغلت من داخل "السرير الأمني"، بل وبحضور للعناصر الأمنية والمخابراتية الموظفة داخل هيئات التحرير، كما لن تسلم مجاميع المثقفين العضويين، ومنهم بعض النخب العربية والإسلامية، التي سخرت بطريقة مفضوحة لتمرير رواية رسمية حملت المسلمين منذ البداية مسؤولية العملية.
الذين تابعوا أحداث 11 سبتمبر على المباشر، والرواية الرسمية التي كانت تكتب ساعة بساعة، والطريقة التي سخر بها الإعلام لتضليل الرأي العام، لم يفاجئهم السيناريو الفرنسي، الذي ادعت فيه السلطات الفرنسية منذ البداية أن الاعتداء هو نسخة فرنسية لأحداث 11 سبتمبر، لولا أن السينما الفرنسية هي أضعف خيالا من هوليود، والإعلام الفرنسي أقل حرفية من الإعلام الأمريكي.
كتاب السيناريو الفرنسي كانوا بلا ريب أقل خيالا من نظرائهم الأمريكيين، واكتفوا بالنقل الساذج، وحيث كان لا بد من إعطاء وجوه للملثمين حتى قبل نهاية العملية، فقد قدم الأمن ووكيل الجمهورية للإعلام رواية مدعومة بالصور، تقول بعثور الشرطة على بطاقة هوية أحد الأخوين كواش بسيارة سيتروان السوداء، كما ذكر أن أمدي كوليبالي قد ترك قناعه، الذي سمح بالتعرف عليه بتحليل الحمض النووي، وقيل أن أحد الأخوين قد ترك حذاءه وهو يمتطي السيارة بعد تنفيذ العملية.
يذكر من تابع ساعة بساعة الأحداث على القنوات الفرنسية، أن الجميع قد نوه بالحرفية التي أظهرها الملثمون، وقيل أنهم تلقوا تدريبا عسكريا رفيع المستوى، فكيف يعقل لمحترفين أن يحملوا معهم هوياتهم، ويعثر في السيارة المهجورة على رايات للجهاديين، وأسلحة، وكوكتيل مولوتوف؟ وكيف يكون كوليبالي قد ترك لثامه في حين أظهرت صور اقتحام المتجر نفس الشخص وهو يرتدي اللثام؟

ثغرات..
الثغرات لم تتوقف عند هذا الحد، فقد راج على الشبكة مقطع فيديو للملثمين بعد خروجهم من مقر "شارلي إيبدو" وهم يعدمون على ما يبدو شرطيا من أصول جزائرية كما قال الإعلام، فيما يظهر المقطع أن العملية هي محض تمثيل، حيث لم يصب الشرطي، ويظهر كيف أن الملثم يطلق الرصاص بالقرب منه بشكل متعمد، ويتظاهر الشرطي أنه أصيب مع غياب ظاهر لأثر الدماء.
وتتواصل الثغرات في الرواية الرسمية في أكثر من محطة، حيث نقرأ بعد ثلاث دقائق من بداية الحادث الخبر بموقع "20 دقيقة" الإخباري، وتنشر بعد 10 دقائق صورا لصحفيين ومصورين من القناة الإسرائيلية "إي 24" وهم يعتلون أسطح بنايات قريبة من "شارلي أيبدو" يرتدون السترات الواقية، فيما لم تكن الشرطة الفرنسية قد وصلت للموقع بعد، وتستطيع نفس القناة على الساعة الثالثة ظهر الأربعاء التفرد بنشر أسماء الأخوين كواشي وأمدي كوليبالي.
الرواية الرسمية تسلك بعد ذلك متاهات كثيرة، وتسخر القنوات الإعلامية للتسويق لعملية إرهابية محكمة، تكون قد نفذتها "خلية مدربة" نسبت أولا للقاعدة، بالترويج لمعلومة أمريكية ويمنية، تدعي أن سعيد كواشي قد درب باليمن، والتقى بالعولقي، فيما تنقل قناة "بي آف آم" اتصالا مباشرا مع كوليبالي من داخل المتجر اليهودي، يدعي فيه التنسيق مع الإخوين كواشي، وانتماءه للدولة الإسلامية. القنوات نشرت أيضا فيديو لكوليبالي، وهو يرتدي قميصا إسلاميا، يروي فيه تفاصيل العملية، ولا ندري متى يكون قد سجله؟
منذ هذه اللحظة، كان واضحا أن النهاية سوف تكون بتصفية العناصر الثلاثة، إذا لم تكن التصفية قد تمت حتى قبل تنفيذ عملية "شارلي أيبدو" وأننا بصدد تكرار لعملية اغتيال الشاب مراح، وأن كل ما شاهدناه من صور عن عملية اقتحام المطبعة وقتل الأخوين كواشي، واقتحام المتجر اليهودي وقتل كوليبالي، هو محض فيلم مركب بسيناريو ركيك.
 لنتوقف قليلا عند عملية اقتحام المتجر اليهودي، فنشاهد بوضوح كيف يتجمع عناصر الشرطة الخاصة أمام المتجر، وينتظرون أن يفتح الستار الحديدي للمتجر ـ ولا ندري من فتحه؟ـ ثم نشاهد مجموعة من الرهائن على الأرض، ليتقدم أحد عناصر الشرطة داخل المتجر، ثم نشاهد الملثم وهو يحاول مهاجمة الشرطة، قبل "إعدامه" وبداية فرار بقية الرهائن ؟
الرواية هنا تمر مرور الكرام عن أكثر من سؤال: كيف فتح الباب هكذا من الداخل، وكيف أن كوليبالي قتل أربعة من المحتجزين وعفا عن البقية، وهو الذي قتل الشرطية البلدية بدم بارد، ثم كيف لم تنشر حتى الآن صورا للمتهمين الثلاثة بعد إعدامهم، كما لا تفسر الرواية لماذا اختار الأخوان كواشي نفس التوقيت للخروج من مخبئهم بالمطبعة، والخروج لمواجهة الشرطة بعد ساعات من الحصار؟

تخبط..
في نفس اليوم الذي نفذت فيه عملية "شارلي إيبدو" نشرت اليومية الأمريكية "ماكلاتشي" خبرا منسوبا لجهات أمنية أمريكية يقول: "أن الأخوين كواشي كانا قد جندا من طرف مجموعة "خراسان" التابعة للقاعدة بسورية"، وكانت نفس اليومية قد كشفت العام الماضي عن هوية الفرنسي "دافيد دروجيون" ودوره داخل تنظيم "خراسان" التابع للقاعدة، وقالت أنه عضو بالمخابرات الفرنسية، كما أكد البنتاغون المعلومة واعتبره أحد أهم أهدافه، وفي 6 نوفمبر الماضي أعلنت شبكة فوكس نيوز مقتل "دافيد دروجيون" بواسطة طائرة "درون" وجددت بالمناسبة انتماءه للمخابرات الفرنسية. المقال بتفاصيل كثيرة حول العلاقة بين المخابرات الفرنسية والأخوين كواشي نشر الأربعاء 8 يناير ضمن عرض أقوال الصحف اليومي الداخلي للبانتاغون.
التخبط الواضح في الرواية الفرنسية الرسمية هو في الحد الأدنى مؤشر على وجود أكثر من فاعل في العمليات التي هزت الكيان الفرنسي كما لم يحصل من قبل. ومن الواضح أن طرفا آخر يكون قد نفذ عملية "شارلي إيبدو" ليس بوسع الحكومة الفرنسية أن تكشفه، كما لم يكن بوسع الإدارة الأمريكية أن تكشف منفذ عمليات 11 سبتمبر، وأن كل ما جرى عقب الحادث هو عملية مركبة، ومسرحية تريد أن تبعد التهمة عن الجهة المنفذة، سواء كانت من داخل الدولة العميقة الفرنسية، أو من الموساد الإسرائيلي، الذي يكون حسب مقال لصحفي من أصول هندية اسمه غوبي شاندرة خاريل وراء العملية، وقد تعرض مقال الصحفي لمقص الرقيب وللحذف من موقع "ذي أنتيرناسيونال بزنس تايمز" ذكر فيه بالغضب الإسرائيلي من الموقف الفرنسي الأخير في مجلس الأمن، ومن اعتراف البرلمان الفرنسي بالدولة الفلسطينية.

قرائن..
من أهم القرائن التي تبعد التهمة عن المجاميع التابعة للقاعدة أو للدولة الإسلامية، أن الحكومة الفرنسية لم تكن لتجازف بتنقل الرئيس هولاند إلى موقع الحادث بعد 56 دقيقة من وقوعه، وفي الوقت الذي كان "الجناة" تحت المطاردة، كما لم يكن ممكنا لأي مسئول أمني مسؤول، أن يشجع الحكومة الفرنسية على تنظيم مسيرة الأمس المليونية، وبحضور قرابة 40 رئيس دولة وحكومة غربية وعربية، في وقت يفترض أن التحقيق هو في البداية، ولا دليل على غياب تهديد قد يأتي من خلايا نائمة متضامنة مع "خلية الإخوة كواشي" وحده العلم المسبق بالمنفذ الحقيقي، ووجود يقين أمني من غياب أي تهديد إرهابي داخل التراب الفرنسي، كان يسمح للحكومة الفرنسية بالمغامرة بتنظيم هذه المسيرة، بهذا الحضور الدولي الرسمي رفيع المستوى، الذي له نفس اليقين الأمني من غياب تهديد أمني إرهابي على الأقل في باريس، وإلا ما كانت هذه الدول لتجازف بإرسال قادتها بعد يومين من نهاية واحدة من أخطر العمليات الأمنية في تاريخ فرنسا؟؟؟

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020